منتدى بربيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
القرآن الكريمموقعناالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكورة بربيح

 

 في خباء بنت الصديق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
القائد العام
القائد العام
Admin


تاريخ التسجيل : 29/08/2008
الاقامة : الجزائر
الجنس : ذكر
المشاركات : 2981
السٌّمعَة : 4

في خباء بنت الصديق Empty
مُساهمةموضوع: في خباء بنت الصديق   في خباء بنت الصديق Emptyالجمعة سبتمبر 07, 2012 9:50 pm


بقلم: منى السعيد الشريف
عندما تعصف بنا رياح الغربة والضياع في زمن ذابت فيه المشاعر , وضاعت دمعة الصدقوسط أمواج الكذب والخداع , نعود لنبحث عن الأمان في زمن الخوف , عن الرحمة في زمنالقلوب الجامدة , عن الطهر والنقاء , فتضيع خطانا من جديد , ويصرخ فينا الصبر أعييتموني·· وتبقى لنا الذكرى شمعة تضيء النفوس الحائرة , وما أجمل التأمل في سيرتها وذكراها..
إنها النقية الطاهرة الصديقة بنت الصديق , عائشة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ من تهيأ لهاما لم يتح لقريناتها , ونالت من الشرف والرفعة والكرامة ما خلَّد ذكراها في قلوبناإلى اليوم , فقد أتيح لها تعلم القراءة , وهو أمر لم يسمُ له في زمانها إلا القلة منالرجال , فضلاً عن النساء , ونشأت في بيت عُرِفَ منذ الجاهلية بالرفعة والكرم , وإغاثةالمكروب بين أحضان أم حنون , وأب عطوف نبيل , ثم تشرق على هذا البيت شمس الإسلام ؛ لتملأأركانه دفئا وأمنا , رغم كل المخاطر والصعوبات المحدقة بالدعوة الوليدة , وتزيد من رفعةنفوس أهل البيت وشرفهم، ويصبح الصديق من أقرب المقربين لرسول الله صلى الله عليهوسلم.
ويتلألأ البيت الطيب بزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم , وتتعطرأركانه بعبق صوته الكريم، ثم هاهي تتوج بأعظم ما يمكن أن تناله امرأة من شرف وفضلحين يختارها الله عز وجل زوجة لأحب خلق الله إلى الله , فيحمل صورتها جبريل عليهالسلام في حريرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من رؤية قائلاً: هذهزوجتك في الدنيا والآخرة.
وتقترن الصديقة الطاهرة برسول الله صلى الله عليه وسلمليكون لها خير زوج ومعلم وراع وصديق , ويمن الله عليها بمحبة رسوله الكريم لها , فتصبحأحب أزواجه إليه فيتحقق لها أفضل ما تصبو إليه امرأة في زوجها·
يا الله !!! يا عائشة, بعد كل تلك المنن والمنح والشرف هل صفت لك الحياة , وخلت من الهموم والأحزان؟! لاوالله ! فالمرء يبتلى بقدر إيمانه , والمستعرض لحياتها ـ رضوان الله عليها ـ يرى أنها قدصادفت الكثير من الهموم والكروب والأحزان , فها هي تُحرم من أجمل ما تتمناه امرأةوزوجة محبة , بأن تتوج علاقتها بالرجل الذي أحبته , وتمنت إسعاده بطفل يوطد أواصر تلكالعلاقة ويقويها، وقد ظهر ألمها وحزنها من الحرمان من الذرية يوم قالت للنبي صلىالله عليه وسلم وهي حزينة كاسفة: كل صواحبي لهن كُنى! قال عليه الصلاة والسلام : " فاكتني بابنك عبدالله " يشير إلى عبدالله بن الزبير ابن أختها أسماء رضي الله عنها،فكانت تكنى به , وتحبه حب الأم لولدها.
ولنا أن نتخيل شعورها كامرأة تشتاق كل الشوقللأمومة وهي ترى فرحة النبي صلى الله عليه وسلم بابنه إبراهيم , وحبه الجارف للحسنوالحسين أبناء السيدة فاطمة·· ولكن لئن كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ حُرمت من الأمومةفقد عوضها الله تعالى بأمومة كل المؤمنين , فهي من أمهات المؤمنين , والجميع يناديها: "يا أمه".
فكان هذا النداء خير عوض وتعزيه, كما كان في حب رسول الله ورعايتهلها عوض آخر , تعرضت للحرمان منه بحادثة الإفك·· محنة أخرى وعاصفة كفيلة بأن تهدمأعظم بيت , حين تلوك ألسنة السوء سمعة وشرف زوجة نبي ورسول كريم , وتحيط بها الإشاعاتوالأقاويل , وهو أسوأ ما يمكن أن تبتلى به امرأة.
وتصف لنا السيدة عائشة حالها حينعلمت بما يقال عنها قائلة: "وبكيت تلك الليلة والليلة التي بعدها , وأبواي عندييظنان أن البكاء فالق كبدي"وعندما واجهها الرسول صلى الله عليه وسلم بما أشيععنها ما كان منها إلا أن قالت ": فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف: "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"( سورة : يوسف الاية 18)
ولكن رحمة الله قريب من عباده الصالحين, فينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة من الله تدفع عنها كل أذى, وتمر العاصفة بسلام يا عائشة، ولكنها لن تكون آخر الابتلاءات فها هو رسول الله صلىالله عليه وسلم يمرض , وتشتد به الحمى , ويستأذن زوجاته في أن يمرض في حجرة عائشة , وتودععائشة أحب خلق الله , الزوج الذي ملأ الحياة دفئاً ومودة، والرسول الذي فتح لها مناهلالعلم والنور والهداية، وتظل عائشة في حجرتها بجوار قبر رسول الله صلى الله عليهوسلم تزوره , وتستأنس به كما لو كان على قيد الحياة لم يغب عنها إلا الجسد.
أما روحهالشريفة فمازالت سراجاً يضيء ليل وحدتها , ثم يُدفن إلى جواره أبو بكر الصديق , فتودعالأب بعد أن ودعت الزوج، وتمضي السنون مسرعة , ويتولى عثمان الخلافة , وتحدث الفتنةالكبرى بأحداثها المريرة , ويتورط محمد بن أبي بكر في تلك الفتنة , فيدخل على عثمانرضي الله عنه يريد قتله , ويأخذ بلحيته , فيقول له عثمان رضي الله عنه: "مهلا يا بنأخي، فوالله لقد أخذت مأخذاً ما كان أبوك ليأخذ به"وفي رواية أخرى"لقد أخذتبلحية كان أبوك يكرمها"فيتركه محمد وينصرف مستحيياً نادما ً··
ويعلن محمد بن أبيبكر مراراً أنه بريء من دم عثمان , ولكن المأساة تكتمل فصولها الحزينة بمقتل محمد شرقتله في مصر، وكان علي ـ رضي الله عنه ـ قد ولاه عليها , فأنفذ إليه معاوية جيشاًلمحاربته والاستيلاء على مصر... فلما بلغ ذلك عائشة رضي الله عنها جزعت عليه جزعاً شديداً , وضمتأولاده إليها، وهكذا شاءت الأقدار أن تودع عائشة الأحبة واحداً تلو الآخر , وهي صابرةمحتسبة ·
وترحل عائشة عن عمر يقارب السبعين , وتبقى ذكراها في القلوب العطرة الندية, والأنموذج الرائع للمرأة المسلمة الطاهرة , يزينها تاج الحياء والعفة حتى تقول ـ رضيالله عنهاـ: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي ـ رضيالله عنه ـ واضعة ثوبي , وأقول : "إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمرـ رضي الله عنه ـ والله مادخلته إلا مشدودة علي ثيابي حياءً من عمر"
وزوجة أدركت قدسية حقوق الزوج , وأوصتبها كل بناتها قائلة"يا معشر النساء , لو تعلمن حق أزواجكن عليكن ؛ لجعلت المرأةمنكن تمسح الغبار عن وجه زوجها بنحر وجهها"وتحملت معه كفاف العيش , وأعباءالدعوة , فأضاءت بيتها بالسعادة والمودة حتى ملكت شغاف قلب زوجها صلى الله عليه وسلم, وروت عنه من الأحاديث والأخبار ما أفادت به الأمة.
وظلت الأجيال تلو الأجيال تنهلمنه , فنهضت بأمانة التبليغ والتعليم أحسن النهوض وأوفاه، ثم هي العابدة التقيةالمتصدقة , يأتيها ما يقارب المائة ألف درهم ـ وهي صائمة ـ فتتصدق بها عن آخرها , فتقوللها جاريتها : أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فترد عائشة: لا تعنفينيلو كنت ذكرتني لفعلت، ويقول ابن سعد: رأيت عائشة تتصدق بسبعين ألفاً , وإنها لترقعجانب درعها ·· تلك هي عائشة، تلك هي عائشة·
المصدر : مجلة الوعي الإسلامي الكويتية , العدد رقم: 487 التاريخ 25 / 4 / 2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في خباء بنت الصديق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بربيح :: ۞ منتديات الدين الاسلامي الحنيف ۞ :: التاريخ العالمي والإسلامي-
انتقل الى: