منتدى بربيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
القرآن الكريمموقعناالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكورة بربيح

 

 تصور الإله عند أهل الجاهلية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
القائد العام
القائد العام
Admin


تاريخ التسجيل : 29/08/2008
الاقامة : الجزائر
الجنس : ذكر
المشاركات : 2981
السٌّمعَة : 4

تصور الإله عند أهل الجاهلية Empty
مُساهمةموضوع: تصور الإله عند أهل الجاهلية   تصور الإله عند أهل الجاهلية Emptyالجمعة سبتمبر 07, 2012 10:55 am


بقلم الأستاذ / أبو الأعلى المودودي
يجمل بنا بعد هذا البحث اللغوي أن ننظر ماذا كانت تصورّات العرب والأمم القديمة في باب الألوهية التي جاء القرآن بإبطالها.
1 ـ يقول سبحانه وتعالى: "واتخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزاً " (مريم:81( " واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم يُنصرون " ( يس: 74( يتبين من هاتين الآيتين الكريمتين أن الذين كان يحسبهم أهل الجاهلية آلهةلأنفسهم كانوا يظنون بهم أنهم أولياؤهم وحماتهم في النوائب والشدائد ، وأنهم يكونونبمأمن من الخوف والنقض إذا احتموا بجوارهم.
"فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لمّا جاء أمر ربك ومازادوهم غير تتبيب " (هود: 101( .
" والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أمواتٌ غير أحياءٍ ومايشعرون أيّان يبعثون إلهكم إلهٌ واحدٌ " (النحل: 20-22) " ولا تدع مع الله إلهاً آخر، لا إله إلا هو " (القصص: 88) " وما يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلايخرصون " (يونس: 66 ( .
وتتجلى من هذه الآيات بضعة أمور، أحدها أن الذين كان أهل الجاهلية يتخذونهم آلهةلهم كانوا يدعونهم عند الشدائد ويستغيثون بهم؛ والثاني: أن آلهتهم أولئك لم يكونوامن الجن أو الملائكة أو الأصنام فحسب بل كانوا كذلك أفراداً من البشر قد ماتوا منقبل، كما يدل عليه قوله تعالى: "أمواتٌ غير أحياء وما يشعرون أيان يُبعثون" دلالةواضحة والثالث: أنهم كانوا يزعمون أن آلهتهم هذه يسمعون دعاءهم ويقدرون على نصرهم.
ولا بد للقارئ في هذا المقام من أن يكون على ذكر من مفهوم الدعاء، ومن وضعيةالنصرة التي يرجوها الإنسان من الإله ، فالمرء إذا كان أصابه العطش مثلاً فدعا خادمهوأمره بإحضار الماء أو إذا أصيب بمرض فدعا الطبيب لمداواته، ولا يصحّ أن يطلق علىطلب الرجل للخادم أو للطبيب حكم "الدعاء" .
وكذلك ليس من معناه أن الرجل قد اتخذالخادم أو الطبيب إلهاً له ، وذلك أن كل ما فعله الرجل جار على قانون العلل والأسباب، ولا يخرج عن دائرة حكمه ، ولكنه إذا استغاث بولي أو وثن – وقد أجهده العطش أو المرض- بدلاً من أن يدعو الخادم أو الطبيب ، فلا شك أنه دعاه لتفريج الكربة ، واتخذه إلهاً، فإنه دعا ولياً قد ثوى في قبر يبعد عنه بمئات من الأميال، فكأني له يراه سميعاًبصيراً ، ويزعم أن له نوعاً من السلطة على عالم الأسباب مما يجعله قادراً على أن يقومبإبلاغه الماء أو شفائه من المرض، وكذلك إذا دعا وثناً في مثل هذه الحال يلتمس منهالماء أو الشفاء، فكأنه يعتقد أن الوثن حكمه نافذ على الماء أو الصحة أو المرض، ممايقدر به أن يتصرف في الأسباب لقضاء حاجته تصرفاً غيبياً خارجاً عن قوانين الطبيعة.
وصفوة القول أن التصور الذي لأجله يدعو الإنسان الإله ويستغيثه ويتضرع إليه هو لاجرم تصور كونه مالكاً للسلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة وللقوى الخارجة عن دائرةنفوذ قوانين الطبيعة.
2ـ " ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرَّفنا الآيات لعلهم يرجعون فلولا نصرهمالذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهةً بل ضلّوا عنهم وذلك إفكُهم وما كانوايفترون " (الأحقاف: 27-28) .
"ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمنبضرٍّ لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون " (يس: 22-23 "(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلفى إن اللهيحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون " (الزمر: 3) " ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) "يونس: 18(
فيتجلى من هذه الآيات الكريمة أمور عديدة ، منها أن أهل الجاهلية ما كانوا يعتقدونفي آلهتهم أن الألوهية قد توزعت فيما بينهم، فليس فوقهم إله قاهر، بل كان لديهمتصور واضح لإله قاهر ، كانوا يعبرون عنه بكلمة (الله) في لغتهم ، وكانت عقيدتهمالحقيقة في شأن سائر الآلهة أن لهم شيئاً من التدخل والنفوذ في ألوهية ذلك الإلهالأعلى ، وأن كلمتهم تُتَلقى عنده بالقبول ، وأنه يمكن أن تتحقق أمانينا بواسطتهم، ونستدر النفع ، ونتجنب المضار باستشفاعهم ، ولمثل هذه الظنون كانوا يتخذونهم أيضاًآلهة مع الله تعالى ، ومن هنا يتبين أن الإنسان إذا ما اتخذ أحداً شافعاً له عند الله ثمأصبح يدعوه ويستعين به ، ويقوم بآداب التبجيل والتعظيم ، ويقدم له القربات والنذور، فكلذلك على ما اصطلح عليه أهل الجاهلية اتخاذه إياه إلهاً.
3 ـ " وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحدٌ فإياي فارهبون ") النحل: 51) " ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً " (الأنعام: 80) " إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء " (هود: 54) .
ويتضح من هذه الآيات الحكيمة أن أهل الجاهلية كانوا يخافون من قبل آلهتهم أنهمإن أسخطوا آلهتهم على أنفسهم لسبب من الأسباب أو حرموا عنايتهم بهم وعطفهم عليهمنابتهم نوائب المرض والقحط والنقص في الأنفس والأموال ، ونزلت بهم نوازل أخرى.
4 ـ "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلاليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو) (التوبة: 31 ) " أرأيت من اتخذ إلهه هواه، أفأنت تكون عليه وكيلا " (الفرقان: 43( " وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم " (الأنعام: 137) "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " (الشورى: 21) .
وفي الآيات يقف المتأمل على معنى آخر لكلمة (الإله) يختلف كل الاختلاف عن كل ماتقدم ذكره من معانيها، فليس ههنا شيء من تصور السلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة،فالذي اتّخذ إلهاً هو إما واحد من البشر أو نفس الإنسان نفسه، ولم يتخذ ذلك إلهاًمن حيث إن الناس يدعونه أو يعتقدون فيه أنه يضرهم وينفعهم، أو أنه يستجار به، بل قداتخذوه إلهاً من حيث تلقوا أمره شرعاً لهم، وائتمروا بأمره ، وانتهوا عما نهى عنه،واتبعوه فيما حلله وحرمه، وزعموا أن له الحق في أن يأمر وينهى بنفسه، وليس فوقهسلطة قاهرة يحتاج إلى الرجوع والاستناد إليها.
فالآية الأولى تبين لنا كيف اتخذتاليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أرباباً وآلهة من دون الله، كما بين ذلك الحديثالنبوي الشريف فيما رواه الإمام الترمذي وابن جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي اللهعنه "أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقه صليب من ذهب وهو يقرأهذه الآية، قال، فقلت: إنهم لم يعبدوهم، فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوالهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
وأما الآية الثانية فمعناها واضح كل الوضوح، وذلك أن من يتبع هوى النفس ويرىأمره فوق كل أمر فقد اتخذ نفسه إلهاً له في واقع الأمر.
أما الآيتان التاليتان بعدهما فإنه وإن وردت فيهما كلمة (الشركاء) مكان (الإله) فالمراد بالشرك هو الإشراك بالله تعالى في الألوهية ، ففي هاتين الآيتين دلالة واضحةعلى أن الذين يرون أن ما وضعه رجل أو طائفة من الناس من قانون أو شرعة أو رسم هوقانون شرعي من غير أن يستند إلى أمر من الله تعالى، فهم يشركون ذلك الشارع باللهتعالى في الألوهية.
المصدر : كتاب المصطلحات الأربعة أبي الأعلى المودودي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تصور الإله عند أهل الجاهلية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بربيح :: ۞ منتديات الدين الاسلامي الحنيف ۞ :: التاريخ العالمي والإسلامي-
انتقل الى: