مكاتبة الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) للملوك والأمراء
بقلم فضيلة الشيخ / محمد الغزالي
كان الفرس يحتلون أجزاء كبيرة من جنوب الجزيرة، وكان الرومان يحتلون أجزاء أخرى من شمالها , وقد انتشرت ديانة المحتلين في الأقاليم التي أخضعوها لنفوذهم، ومن العبث إرجاع هذا الانتشار للحرية العقلية المحضة، وعلى أية حال فإن المجوسية سادت الأقاليم التابعة لفارس، والنصرانية سادت الأقاليم التابعة للرومان، وكان أمراء هذه الأقاليم يعيَّنون من قبل الدول الحاكمة ، وينصاعون لأوامرها.
وقد رأى النبي أن يرسل بكتبه إلى رؤساء الدول الكبرى ، وإلى أمراء الولايات المحتلة على سواء ، يدعوهم إلى الله ، ويعرض عليهم الإسلام.
روى مسلم عن أنس أن رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي -وهو غير الذي صلّى عليه- وإلى كل جبّار يدعوهم إلى الله عز وجل.
بعث رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) "دحية بن خليفة" بكتابه إلى قيصر الرومان، وليس الوصول إلى قيصر بدعوة غريبة على مسامعه أمراً سهلاً، فكيف وهي -في نظر الرومان- أن أعرابيا ساذجا ينتمي إلى قوم تحت سلطانهم!!.
وتقديراً لهذه الأوضاع اختار النبي لتلك المهمة من يقوم بها إيماناً واحتساباً غير مبال بعواقبها عليه ولا نتائجها عند من يدعوه.
فعن ابن عباس أن رسول الله قال: من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة؟ فقال رجل: وإن لم يقبل؟ قال: وإن لم يقبل! فأخذ دحية الكتاب ، وسافر به إلى أرض الروم، فوافق هرقل وهو مقبل على بيت المقدس يزوره عقب انتصاره على الفرس قربى إلى الله.
وتناول قيصر الكتاب فقرأ فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد:
فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأكارين -الفلاحين-. {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
وقد هاجت حاشية هرقل لاكتراث القيصر بهذه الرسالة، وازدادوا هياجاً عندما عرض عليهم -لا ندري جاداً أم هازلاً- أن يعتنقوا هذا الدين!.
وهرقل -في نظرنا- رجل سياسي ، وأمر الدين لا يعنيه إلا بقدر ما يدعم ملكه وينمي قوته، وقد تولّى شؤون الدولة في وقت كانت الخلافات الكنيسية حول طبيعة المسيح تغلي غليان المرجل، وتثير في الأمة انقسامات مخيفة، وقد حاول التقريب من وجهات النظر المتباينة، وجمع الكنائس المتخاصمة على مذهب واحد فعجز، وتمرد عليه اليعاقبة وغيرهم في مصر والشام.
فالكلام في الإلهيات ليس غريباً عليه، والتقريب بين وجهات النظر-لمصلحة الدولة-ديدنه، ولعله في أعماق قلبه يحس سخف أولئك المختلفين جميعاً.
وربما تألقت في نفسه لوقت محدود فكرة الخروج من عقيدة التثليث إلى بساطة التوحيد، ثم انطفأت لما ستجره على الدولة من خلاف أشق في وهمه، وأمر المملكة -عنده- أهم من أي شيء آخر.
وشاءت لباقة قيصر السياسي أن يستدعي دحية، وأن يحاول إيهامه بأنه مسلم! ثم أعطاه قدراً من الدنانير..وصرفه!.
وعاد دحية إلى رسول الله بالنبأ، فقال النبي (صلَّى الله عليه وسلم): كذب عدو الله، ليس بمسلم، وأمر بالدنانير فقسمت على المحتاجين.
أما الولايات العربية التابعة للرومان فإن النبي أرسل إلى أمرائها يعرض عليهم الإسلام فكانت إجابتهم أخشن وأقسى من رد القيصر نفسه!.
قرأ أمير دمشق خطاب الرسول له: "بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله وصدق، وإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقى ملكك".
فلما قرأه رمى به الأرض. وقال: من ينزع ملكي مني؟ وأخذ يعد العدة لقتال المسلمين.
والحارث ليس بالملك الأصيل حتى يشمخ بملكه على هذا النحو، إنه مُولّى من قبل الرومان الغالبين ليخدم أهواءهم، ويمشي في ركابهم، فهو كنفر من ملوك الشرق في عصرنا هذا، صنعهم المستعمرون ليكونوا حبالاً تنجرُّ بها الأمم المستضعفة وراء غاصبيها ، والهدية التي ردها هي الأمل الوحيد لجعله حاكماً شريفاً لو أنه قبلها وأشاعها.
وبعث النبي إلى أمير بصرى -من ولايات الروم- مثل ما بعث به إلى أمير دمشق، وحمل الكتاب الحارث بن عمير الأزدي فاعترضه في الطريق شرحبيل بن عمرو الغساني وسأله: أأنت من رسل محمد؟ قال: نعم، فأمر به شرحبيل فقتل ، وترامت هذه الأخبار إلى المسلمين في المدينة فجرحت كرامتهم، وأبانت لهم أن علائقهم بالرومان لن تندفع في طريق العدل والاحترام إلا بعد جهود شاقة.
ورد "المقوقس" على النبي رداً حسناً فلم يؤمن به ولم يتهجم عليه، ولمّا تسلَّم كتابه من حاطب بن أبي بلتعة قال له: ما منعه إن كان نبياً أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده؟ فقال حاطب: ما منع عيسى -وقد أخذه قومه ليقتلوه- أن يدعو الله عليهم فيهلكهم؟ فقال المقوقس: أحسنت. أنت حكيم جاء من عند حكيم!!.
وكتب إلى رسول الله يقول: "لمحمد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط سلام عليكم، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه وتدعو إليه؛ وقد علمت أن نبياً قد بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك وبعثت لك بجاريتين لهما مكان عظيم في القبط، وبثياب، وأهديت لك بغلة تركبها".
وماذا يفعل محمد رسول الله بهذا؟ لقد قبل الهدية تقديراً للعاطفة التي أملت بها، وإن كان يرى أن الإيمان بالله وحده أفضل ما يهدى إليه، وخير ما ينتظره ويهش له.
وجدير بنا أن نذكر كلام حاطب للمقوقس حتى يعرف القارئ أن هذه البعوث بلغت حداً من الفقه والحصافة يستحق الإعجاب البالغ.
قال حاطب: إن هذا النبي دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل.
وكل نبي أدرك قوماً فهم أمته، فحق عليهم أن يطيعوه، وأنت ممن أدرك هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكننا نأمرك به ، وكان أثر هذه الدعوة الحارة الخطاب الذي سقناه آنفاً.
تلك مُثلٌ لرسائله إلى رجالات النصرانية ومواقفهم منها. وقد ساق النبي كذلك مبعوثيه إلى رؤساء المجوسية يدعونهم إلى الله، ويحدثونهم عن الدين الذي لو تبعوه نقلهم من الغي إلى الرشاد ، وقد تفاوتت ردودهم، بين العنف واللطف والإيمان والكفر.
كتب رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) إلى "كسرى أبرويز" ملك فارس يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس. سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله ، أدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حياً ، ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس" فمزق كسرى الكتاب وهو محنق.
ولعله حسب الجرأة على مكانته السامية بعض ما رماه به القدر من مصائب، فقد هزمه الروم هزيمة منكرة، وها قد جاء العرب يعلمونه ما لم يكن يعلم.
وأصدر كسرى أمره إلى والي اليمن -وكانت لمّا تزل في حكمه- يأمره أن يرسل اثنين من رجاله الأشداء، ليأتيا إليه بالرجل الذي تجرأ على مكاتبته.
و"أبرويز" هذا رجل أحمق، ومنصبه يضفي عليه لقب ملك الملوك، والوثنية السياسية إذا ظاهرتها وثنية دينية أمست ظلمات بعضها فوق بعض، وقد غلب على الرجل السفه في تصريفه شؤون الدولة وحكمه على الأشخاص والأشياء، حتى ضاق قومه أنفسهم به، بل ضاق به أقرب الناس إليه وهو ابنه "شيرويه" فوثب عليه فقتله.
ويروى أن النبي (صلَّى الله عليه وسلم) لما بلغه ما صنع كسرى أبرويز بكتابه قال: "مزق الله ملكه".
والطريف أن والي اليمن لما صدر إليه أمر كسرى سارع إلى تنفيذه، فأرسل اثنين من لدنه من المدينة ، يعرضان على النبي عليه الصلاة والسلام أن ينطلق معهما ليسأل عما فعل..!!
ونظر النبي (صلَّى الله عليه وسلم) إلى الرجلين فوجدهما من ذلك النوع الذي تربيه الملوك في القصور كما تربي النسوة في بلادنا الديكة الرومية..مناظر فارهة، وبواطن تافهة.
فلما رأى شواربهما مفتولة، وخدودهما محلوقة، أشاح عنهما وقال: ويحكما من أمركما بهذا؟ قالا: أمرنا ربنا!! يعنيان كسرى..
إن تأليه الملوك ضلال قديم، وبعد أن انتشر الإسلام ذهبت حقيقة التأليه، ثم عادت الآن آثاره وخصائصه، فالملك يلقب صاحب الجلالة، ولا يسأل عما يفعل، ويبطل شرائع الله ليقيم شرائع الهوى، ويمتد هو وبطانته لتنكمش أمامهما أمته..
ولما سمع النبي عليه الصلاة والسلام كلام الرجلين أمرهما أن يعودا من حيث أتيا إلى والي اليمن ، وقال: أخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة، وكان رسول الله قد علم قبلهما بمصرع كسرى..
وقد وقع الإسلام في قلب والي اليمن ورجاله بعد هذه القصة، وانتشر انتشاراً عظيماً في الجنوب بين الطائفتين جميعاً من نصارى ومجوس.
وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام إلى أمير البحرين كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام ونبذ المجوسية، حمله إليه العلاء بن الحضرمي ، وكان "المنذر بن ساوى" أمير البحرين رشيداً موفقاً، فرحب بالدعوة وانشرح صدره لقبولها..وقد أبلغ العلاء في ترغيبه وإبراز محاسن الإسلام له.
فمما قاله: "..يا منذر إنك عظيم العقل في الدنيا فلا تصغرنَّ عن الآخرة، إن هذه المجوسية شرُّ دين.. ليس فيها تكرُّم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحيى من نكاحه، ويأكلون ما يتنزه عن أكله ، ويعبدون في الدنيا ناراً تأكلهم يوم القيامة.. ولست بعديم عقل ولا رأي، فانظر: هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا ألاَّ نصدقه؟ ولمن لا يخون ألاّ نأمنه؟ ولمن لا يخلف ألاَّ نثق به؟.
هذا هو النبي الأمي الذي -والله- لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به! أو ليته زاد في عفوه أو نقص من عقابه ، إذ كل ذلك منه على أمنية أهل العقل، وفكر أهل النظر..".
وقد أسلم "المنذر" وعرض على قومه الإسلام، فمنهم من أعجبه فدخل فيه، ومنهم من كرهه وبقي على مجوسيته أو على يهوديته. فلما استشار رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) ما يفعل بإزائهم كتب له: "..من أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية".
إن توسيع ميدان الدعوة بحيث تشمل المعروف المعمور من أرض الله يومئذ أمر يثير التأمل، لقد كان العرب يستكثرون النبوة على واحد منهم، ويوسعونه جحوداً وكنوداً!. {وَإذا رأوْكَ إنْ يتخذُونَكَ إلا هُزواً أهذا الذي بعثَ اللهُ رسولاً}.
فما يكون شأن الروم والعجم، وهم يرون العرب دونهم منزلة وحضارة وثقافة وسياسة! ألا يكونون أسرع إلى السخرية وأدنى إلى الكفران؟.
بيد أن أصحاب الرسالات لا ينظرون إلى الأمور على ضوء الحاضر الضيق المنكور، فإن ثقافتهم العميقة في سيادة فكرتهم وامتداد نطاقها تصغِّر العقبات المفروضة في الطريق، وتجعلها -ولو كانت الشم الرواسي- هباء منثوراً.
ولو انحصر "كارل ماركس" في حدود مذهبه -وهو فكرة مطاردة تصل بذويها إلى السجون- لأصابه الشلل وقضى عليه وعلى أفكاره، لكنه مضى في سبيله وهو على أمل بالغ أن تقوم بتوجيهها دول كبرى. فإن كان هذا شأن الماديين من أصحاب الأفكار الضالة؛ فلا جرم أن المرسلين المؤيدين بالوحي يكاتبون الملوك والأمراء وهم موقنون بأن مالديهم من حق سيعلو ما عداه، وذلك ما كان يجول في نفس الرسول الكريم وهو يعالج هداية الأعراب الشاردين في الصحراء طوراً باللين وطوراً بالشدة. ثم هو -في الوقت نفسه- ينصح لقادة الشعوب الأخرى أن يفكروا في هذا الدين الجديد وأن يعتنقوه وافرين.
إن الخرافة التي أفسدت عقل بدوي تُتَرِّب إهابه وثيابه رياح "نجد" هي بعينها الخرافة التي تفسد فكر كسرى عاهل الفرس العظيم.
ما الفارق بين الحمَّى تصيب ملكاً أو تصيب صعلوكاً؟ إن الطبيب يصف لها -على الحالين- دواء واحداً، ويتخذ ضد عدواها حصانات واحدة! ، وقد أراد النبي (صلَّى الله عليه وسلم) أن يشفي الكبار والصغار من أمراض نفوسهم وأن يناولهم جميعاً الدواء الذي يصحَّونَ به ، {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}.
فلا غَرْو إذا جمع في مصحِّه بين الأحمر والأسود، والسادة والعبيد. أجل، قد يكون أولئك الملوكُ محجَّبين وراء أسوار مشيدة، وحولهم من الأتباع والجند والأبهة والرياش ما يبهر العين، لكن أي عين تنبهر لهذه المظاهر؟ إن الطبيب المعالج لا يعنيه من مريضه إلا جسده الشاحب العليل، والأنبياء لا يرون في القوم إلا أنهم جهّال يجب أن يتعلموا، سفهاء يجب أن يسترشدوا، وأن ما حولهم من الدنيا يجعل تبعتهم أخطر، وجزاءهم على الهدى والضلال أضخم ، على أن هذه القوى المسخَّرة في حماية الباطل لن يطول أمدها، إلا كما يطول الليل على المؤرق، ثم تطلع الشمس، ويمحو الله بالآية المبصرة سدول الظلام.
ولذلك قال النبي لرسل والي اليمن حين جاؤوه: "أخبراه أن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى، وينتهي إلى الخف والحافر، وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك".
إنه -وهو في المدينة - يولّي ويعزل، عن حق لا عن غرور، أليس موصولا بمالك الملك، مبعوثاً من رب السموات والأرض؟!.
ومن الطبيعي أن يعرف مشركو العرب أنباء هذه البعوث النبوية، وأن يرقبوا نتائجها عن كثب، وقد استبشروا أول الأمر حين بلغهم صنيع كسرى بن هرمز، وقال بعضهم لبعض: كفيتم الرجل، فقد نصب له كسرى ملك الملوك! وشاعت هذه القالة في مكة والطائف.
ثم مرت الأيام، وطاح كسرى، وبقي الإسلام يغزو الأفئدة والبلاد.. وجاءت الأنباء أن بعوث محمد (صلَّى الله عليه وسلم) في بعض الأرجاء أمكنها نشر الإسلام وتثبيت هدايته، حتى دخلت فيه اليمن وعمان والبحرين، فارتد استبشار المشركين خذلاناً، وفكرت قبائل شتى في الانقياد لحكمه، خصوصاً ورقعة الكفر تنكمش يوماً بعد يوم أمام موجات الوحي الجارف، وإن بقيت أخرى مصرَّة على جاهليتها.
{بَلْ متَّعْنا هؤلاءِ وآبَاءَهمْ حتى طالَ عليهمُ العُمُرُ، أفلا يَرَوْنَ أنا نأتي الأرْضَ ننقصُها مِنْ أطرافها أفهمُ الغالبونَ؟ قُلْ إنما أنذرُكمْ بالوَحي ولا يسمع الصمُّ الدعاء إذا ما يُنذرونَ}.
المصدر : كتاب فقه السيرة للشيخ محمد الغزالي