مسألة البنوك التي تتجمل في موازناتها من خلال تخفيض الديون قصيرة الأجل قبل الكشف عنها على الملأ في نهاية كل فصل. ويتم توجيه الاتهامات إلى تلك المؤسسات بتلوين ممارساتها بطريقة غير أخلاقية. وعلى ضوء ما أتمتع به من خبرة في قطاع التجزئة، حيث يقوم العديد من شركات التصنيع والمشترين وتجار التجزئة بعمليات البيع بشكل روتيني لمخزوناتها في نهاية الربع، فإنني أسجل اعتراضي على هذا الاتهام الذي يتناول تعزيز الموازنة في نهاية الربع، ووصفه بأنه غير أخلاقي.
واسمحوا لي القيام بإعادة صياغة هذا السيناريو باعتباره مشكلة، حيث يطلب المدير المالي من دائرة التسويق إيجاد حل لها، وقد يرد هذا النص على لسانه، «السيد مدير التسويق: يواجه فريق التوريد لدينا في نهاية كل ربع من السنة في كثير من الأحيان، فرصاً نادرة لا تتكرر كثيراً لشراء منتجات بأسعار استثنائية. لذا فإننا بحاجة إلى حل يسمح لنا بشراء هذه المنتجات وتسويقها في غضون فترة تتراوح من 3 إلى 4 أيام في نهاية كل فصل. وبالإضافة إلى ذلك، قد نكون بحاجة إلى الربط بين هذه المنتجات مع منتجات أخرى موجودة لدينا في المخزون، خصوصاً تلك التي أصبحت قديمة، والسعي إلى تفريغ المستودع بأكبر قدر ممكن قبل نهاية الشهر. فما الذي يمكنك القيام به لمساعدتنا على هذا الشأن؟».
إن هذا السيناريو حقيقي، ويشير ببساطة إلى أن التسويق يمكن أن يعمل جنباً إلى جنب مع المدير المالي لتحسين الموازنة العمومية، وإتاحة المجال أمام المشتريات الانتهازية وإدارة المنتجات الزائدة في المخزون. ويكون هذا الإجراء بمثابة استجابة استباقية للظروف السانحة في السوق، والتي تسمح لأقسام المبيعات والتسويق وإدارة التوريد والمالية، للعمل معاً من أجل تحسين الأداء العام للشركة، بما في ذلك الموازنة العمومية.
وبالنسبة إلى أولئك الذين يواجهون هذا السيناريو بانتظام، يمكنهم التفكير بالطرق المثلى المؤدية إلى السوق، إضافة إلى قنوات التسويق التي تكون دوراتها قصيرة. وتشمل هذه الأدوات التسويق الطارئ عبر البريد الإلكتروني والرسائل التنبيهية والإعلانات التي توضع على عربات التسوق والرسائل عبر الفاكس (مع أنها تنتمي إلى الطراز القديم، ولكن تبقى جديرة بالاهتمام من جانب بعض الصناعات حتى الآن). ومن بين الطرق الأخرى، الإعلانات التي يمكن توزيعها على المنازل والمواد التي تنشر عبر المواقع الإلكترونية، والرسائل على خطوط دعم العملاء ومن خلال فريق المبيعات العامل لديك. وقد يكون لكل واحدة من هذه القنوات التسويقية دورة قصيرة، وبالتالي فإنها لا تحتاج إلى فترة زمنية طويلة للتخطيط والتنسيق أو القيام بالترتيبات مع وسائل الإعلام الإبداعية. ويكمن سر هذا النهج في حشد كافة الوسائل العضوية والاستفادة من نقاط التفاعل الموجودة بالفعل بين عملائك وشركتك. وبهذه الطريقة، فإنك لا تخلق الطلب من جديد بقدر استفادتك من أنماط الحركة الموجودة على أرض الواقع.
فهل يمكن أن نطلق على هذا النهج مصطلح الانتهازية؟ نعم إنه كذلك. لكن هل يؤثر ذلك في موازنتك العمومية إذا كانت الشركة قادرة على القيام بعمليات شراء خاصة، وربط تلك المواد الجديدة التي تحصل عليها مع سلع قديمة في المخزون لكي تقوم ببيعها سوياً في نهاية الربع؟ نعم .. ولكن لا يمكن إدراج تلك الطريقة على قائمة الممارسات غير الأخلاقية. إن هذا يعد عملاً جيداً، لا سيما أنه يعمل على توحيد جهود العديد من الإدارات داخل الشركة من أجل خلق قيمة للشركة. إن الطاقة والحماسة تنتميان إلى السمات الصحية التي تنعم بها الشركة، فضلاً عن أن شراء المنتجات بأسعار خاصة وبيعها على جناح السرعة في غضون 3 أيام يمثل إنجازاً كبيراً، حيث يكون هذا الأسلوب ممتعاً ومربحاً في آن واحد، ويمكن أن يؤثر بشكل إيجابي في الموازنة العمومية.
وقبل أن نتهم المصرفيين بالممارسات غير الأخلاقية بسبب إقدامهم على إجراء تغييرات في نسب الديون في نهاية الفصل، ينبغي علينا قبل كل شيء أن نعرف ما يقومون به وسبب قيامهم بذلك، ثم البحث عن ديناميات السوق التي يكون تعاملهم موجهاً إليها. ويلاحظ هناك موجة من النشاط في العديد من الصناعات في نهاية الفصل من أجل الاستفادة من الفرص المتاحة على المدى القصير. ومع أن هذا النشاط قد يؤثر في الموازنة العمومية في معظم الحالات، يعد ذلك بمثابة عمل جيد، وليس له أي علاقة مع أي ممارسات غير أخلاقية
