المبحث الأول
مفهوم الشركات المتعددة الجنسيات
تعريف الشركات متعددة الجنسيات:
حتى لا تتعارض نشاطات ش.م.ج مع حق الدول و الشعوب في ثرواتها وموردها
طبيعية فإن الأمم المتحدة الأمريكية أنشأت لجنة معينة بهدف تعريف الشركات
المتعددة الجنسيات وقد كانت الفقرة 1 من المشروع المدون تضم تعريف الشركات
المتعددة الجنسيات على أنها مؤسسة تجارية.
أولا :
تشمل على كيانات في بلدين أو أكثر بصرف النظر على الشكل القانوني لهذه الكيانات وميادين نشاطاتها.
ثانيا:
تعمل بموجب نضام لإتخاذ القرارات يسمح بوضع سياسات مترابطة إستراتيجية
مشتركة من خلال مركز أو أكثر لإتخاذ القرارات تربط فيها الكيانات عند طريق
الملكية أو غير ذلك بشكل يسمح لواحدة منها أو أكثر بممارسة تأثير ملحوض
على أنشطة الكيانات الأخرى وخصوصا بالمشاركة في المعلومات الواردة و
المسؤوليات مع الإخرين.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأدب الإقتصادي لم يستقر على تعريف موحد ش.م.ج
إذتعددت التعريفات بقدر تعدد الكتاب الإقتصادين الذين أسهمو في هذا
الميدان فالأستاذ "توجندات" يعرفها بأنها " الشركات الصناعية التي تنتج
وتبيع منتوجاتها في أكثر من دولة واحدة " وهذا التعريف معيب لأنه يقصر صفة
" تعدد الجنسية " فقط على الشركات الصناعية وتعمل الشركات المستثمرة في
مجال الخدمات كالسياحة، التسويق النقل البحري و الجوي أما البروفيسور "جون
دنانج" فقد إستعمل مسطلح مشروع Entre Prise بأنها:مشروع يملك أو يسيطر على
تسهيلات إنتاجية .مصانع ومنشآت، التعدين في أكثر من دولة واحدة بينما
الأستاذ كلاوذنز يعرفها غلى أنها: ( شركة تستمد قسما هاما من إستثماراتها
ومواردها وسوقها وقوة العمل بها من خارج البلد الذي يوجد فيه مركزها
الرئيسي). وبهذا يتسع التعريف ليشمل كافة الشركات العاملة في القطاعات
المختلفة من إنتاج السلع و الخدمات في الخارج.
وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق علهيه الشركات المتعددة الجنسيات هي بكل
المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في إقتصاد ومجتمع الدولة
الأم ويقصد هذا لاحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإرادة الشركات
التابعة وإجمال مجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في
يدها بكافة القرارات الأساسية.وبمهمة التخطيط والحساب و الرقابة وكذلك
بملكية المشروعات الأجنبية كاملة في الشركة الأم إذا أنها صاحبة الإستثمار
التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لها وفي حالة المشروعات المشتركة أي
التي تكون فيها ملكية الرأس المال مقسومة بين الشركة الأم أو حكومات أخرى
تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية و التخطيطية إلى درجة
كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجتها العالمية.
المفهوم الاقتصادي للشركات م.ج. وطبيعيتها
المفهوم الاقتصادي:إن المفهوم الإقتصادي لشركة متعددة الجنسيات سواء أن
كانت خاصة أو عامة فهي تتميز بموقعها الإستراتيجي العالمي في تسيير
مواردها الإقتصادية و الفنية الخاصة بالإنتاج إذ تعمل في ظل شروط الإحتكار
الإقلية للمشروعات وليست وفقا لشروط المنافسة الحرة.وهذه الشركات على
الرغم من أنها تستثمر الجزء الكبير من مواردها في العديد من الدول وذلك
بواسطة فروعها المتواجدة عبر الدول النامية إلى أنها تضل دائما مرتبطة
بهذه الأخيرة و التي تسيطر على الغالبية العضمى من الأموال وتضل تابعة لها
وهذا ماأدى بالتحكم في رقابتها الموزعة بصفة نسبية حسب مصالح الشركة.
وهنا يمكننا القول بأننا أمام شركات عظمى ذات إنتشار عالمي واسع مما جعل أحد الكتاب يقول
(( الشركة متعددة الجنسيات هي مشروع وطني، يملك ويراقب العديد من الفروع
الموزعة في العديد من الدول. هذه الشركات التي تعد وراء العديد من
المشروعات الكبرى تقوم باتلنشاط في المجال الصناعي، وهذه الملاحظة تبعث
إلى القول بأن ضاهرة تعدد الجنسيات يرتبط بالطبيعة الإحتكارية لإقتصاد
الدولة التي تتبعها هذه الشركات)).
وتظهر على هذه ش.م.ج ذات طابع إحتكاري واستغلالي، طابع السيطرة على عرض
سلعة أو خدمة في السوق وهو لايتحقق إلا في حالة سيطرة عدد قليل من أصحاب
رؤوس الأموال على غالبية الإنتاج مما يترتب عنه التحكم في أثمان السلع و
الخدمات، وعملية الإحتكار ليست مقصورة على الأسواق العالمية فحسب بل إنها
تكون أيضا للسوق المحلية.
" كصناعة التبغ في الجزائر" وقد يمتد إلى نطاق أوسع ليشمل الأسواق
العالمية " إحتكار الدولة للتجارة الخارجية" وقد يصبح الإحتكار نتيجة
حتمية ويتجلى ذلك في مجال الخدمات التي تمثل منفعة عامة " كاكهرباء، مياه
الشرب" فتخضع عادة إلى إشراف الدولة للإستغلال.
الطابع الموحد للشركات متعددة الجنسيات: بعد الحرب العالمية الثانية شهدت
هذه الشركات المتعددة الجنسيات تطورا سريعا وخاصة في الستينات 1960 وبداية
السبعينات 1970 حيث تسيرها البلدان الرأس مالية كالولايات المتحدة
الأمريكية، كندى وودول أوروبا الغربية ، و اليابان مما ساعد هذه الشركات
المتعددة الجنسيات التي يتواجد مقرها بدول المصنعة تتمتع بقوة إقتصادية
هائلة إلا أن المتتبع لتطور هذه الشركات ومعاملاتها يجد أن هناك عاملان
يكونان هذا المشروع ، يوج بينها نوع من التناقص على ما يبدو وهما عامل
الوحدة وعامل التعدد للشركة وهذان الوجهان لنفس الظاهرة يعدان الأصل وراء
العديد من المشاكل القانونية.
تعد الوحدة هي الميزة الأساسية للشركة م.ج فهناك وحدة إتخاذ القرار ووحدة
المعاملات ذات وحدة إستراتيجية موحدة أي مشتركة تعد عنصرا أساسيا في فكرة
مشروع متعددة الجنسية.وتعرف هذه الإستراتيجية دائما بالإشارة إلى العديد
من الدول بتعايش الشركة الأم المسيطرة ، على إصدار القرارات مع الدولة
التي تتنتمي إليها هذه الأولى فحين تتعايش فروع هذه الشركات التي تنتمي
إليها. وفكرة الإستراتيجية الموحدة تفرض وجود شركة أم تسهر على وضع خطة
وبرنامج تسير عليه كل الوحدات الموزعة في العالم حتى تكون لها السيطرة ومن
هنا تتحقق خطتها الشاملة وترجع هذه الخطة الموحدة المتمثلة في الإدارة
الإم وتسمى الجهاز الإداري أي القيادة العليا وبالتالي مركز قرار واحد
يقوم يقوم بإصدار الإوامر والقرارات، وكذلك تكون على صلة بينها وبين
الشركة الأم وبين الشركات التابعة لها ، وتفرض عليها طرقة تسيير ملزمة حتى
تتحقق سياستها الشاملة ، و الشركة الأم تعين لها حدود حيادها وتفرض عليها
أن تكون سياستها مستقلة مع السياسة العامة. ويتوقف النجاح إلى حد كبير على
التوفيق الحاذق و الفعال بين المطلبين:
أولهــا :
وحدة إصدار القرار في مواجهة الكل المكون للشركة و المبادرات وخاصة
المبادرات اللامركزية ، المحلية الصادرة عن فروع الشركة الأم
فالإستراتيجية للشركة الأم ليست إلا مجموع القرارات الصادرة من مركز إصدار
القرار وهذه العلاقة بين المركز والفروع المنشقة عنه تعد إحدى العلامات
الأساسية للمشروع متعددة الجنسية.
بينما الثـاني:
ترجمة القانون بفكرة التسلط و السيطرة و الرقابة ويقصد بذلك العلاقة
الفعلية أو القانونية بين الطرفين وذلك عندما تأثر و تحدد القرارات
الصادرة من إحداها على مسلك الطرق الأخرى.
وقد إهتم رجال القانون إلى حد كبير بتلك التناقضات الموجودة في الطابع
الموحد للشركات متعددة الجنسيات من لناحية الإقتصادية و الطابع التعددي من
الناحية القانونية.
الطـابع ألتعددي للشركات متعددة الجنسيات:
هناك طابع مزدوج تعددي يميز الشركة متعددة الجنسيات فهي مكونة من عدة
شركات، تتمتع بالخاصية القانونية المستقلة ويتم تشكيلها وفقا لقوانين
وطنية متعددة وعلى هذا النحو فإنها تتمتع بالجنسيات المختلفة.
إلا أن هذه المجموعة من الشركات تعد غير واضحة في النظم القانونية، كما
تطرقنا إلى المفاهيم الخاصة بها فيما سبق ، حيث نجد أن العلاقات بين هذه
الشركات تقوم على تنظيم العلاقات بين أعضاء المجموعة على أساس القانون
العام للشركات الذي يكيف وفقا للظروف ،هذا من جهة ، من جهة أخرى فإن توزيع
أعضاء المجموعة بين الدول مختلفة عبر العالم يمكن النظر إليه بوصفه أحد
المشاكل التقليدية للقانون ولا سيمى القانون الدولي الخاص الذي تسري
قواعده بشأن العلاقات القائمة بين الشركات المنتمية إلى أنظمة قانونية
مختلفة ، هذه الشركات تنشأ وفق القانون الوطني ، وبالتالي تكتسب جنسيات
مختلفة وبالنظر إلى أن الشركة متعددة الجنسية لها أنشطة متعددة في كل
المجالات من أبسط نتاج صناعي إلى صناعة الصواريخ العابرة للقارات ، فإنها
تمثل بواسطة فروعها المختلفة في أكثر من إقليم وطني. وعلاوة على الشخصية
القانونية لكل من الشركات الفرعية فإن تلك الأخيرة تحتفظ دائما بنوع من
الذاتية و الجزئية المتمثلة في الإحتفاض بوحدات مرتبطة فيما بينها ، رغم
تمييزها ولكن تتخطى الشركة نفسها حدود الدولة الواحدة . بحث تتواجد في كل
من الشركات الفرعية وكذلك لتؤدي وظيفتها في إطار متعدد الجنسيات. إن مفهوم
التواجد في إقليم ما أمرا سهلا كما يتراءى للوهلة لأولى فالمفاهيم
المتعارف على استخدامها للمشروعات متعددة الجنسية تشترط أن يتسم تمركز
الشركة في إقليم معين بالوضوح و الجدية. ويجب أن يكون لهذه الشركة شخصية
قانونية مستقل، و أن تملك تجهيزات للإنتاج ليس فقط مجرد وسائل خاصة
للتسويق وإذا كانت الشركة متعددة الجنسية تعد ظاهرة اقتصادية هامة أسست
على معطيات فنية فإنها إيظا ظاهرة قانونية بل وأكثر من ذلك فإن الشركة
متعددة الجنسية هي أمر من خلق القانون الوطني و الدولي.
ونجد نمو ش.م.ج يفوق نمو إقتصاديات البلدان الرأس مالية المتطورة نفسها
بالضعين، حيث بلغ معدل نموها السنوي 10% وبلغ النمو الإقتصادي لهذه
البلدان المتطورة 5%.
وقد بلغ عدد فروع ش.م.ج عبر العالم حوالي 74.7 فرعا وتطورت عبر بداية
السبعينات إلى حولي 35000 فرعا ولاتزال في تزايد مستمر مما يشكل خطورة على
السيطرة التامة على هذه البلدان مما يؤدي إلى إستغلال طاقتها المختلفة.
وهذا ما جعل طابعها التعددي قويا بشكل قوة ونفوذ في الهيمنة و السيطرة إلى
جانب ما تمتاز به هذه ش.م.ج من عنصر التكامل و الإحتكار إظافة إلى ميزة
التنوع و التوسع.