| التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:34 am | |
| الفصــل الأول الإطار العام للتضخم مقدمة الفصل:تعتبر ظاهرة التضخم من أهم المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها دول العالم على اختلاف نظمها الاقتصادية والسياسية وهي ليست ظاهرة حديثة النشأة وإنما تعود إلى العصور القديمة، لذلك تضارب المفاهيم حول مفهوم التضخم مما أوجد عدة أنواع متشابكة ومتشابهة فيما بينها وهذا ما دفع الكثير من المفكرين إلى محاولة إيجاد تفسير لهذه الظاهرة، ومحاولة إيجاد السبل الناجعة لمكافحتها أو الحد من آثارها ونظرا لتشعب وتعدد الأبعاد والجوانب الخاصة بالتضخم قمنا بدراسته في فصل خاص من خلال المباحث التالية:المبحث الأول: تعريف التضخم وقياسه.المبحث الثاني: أنواع التضخم وأسبابه.المبحث الثالث: النظريات المفسرة للتضخم والسياسات.المبحث الأول تعريف التضخم وقياسه إن ظاهرة التضخم متعددة الأبعاد ومتشعبة الجوانب، تُثير الكثير من القضايا التطبيقية والنظرية؛ لذا وجب تحديد مفهوم هذه الظاهرة، ومختلف الطرق المتَّبعة في قياسها.المطلب الأول: تعريف التضخم.هناك عدة تعاريف لظاهرة التضخم أبسطها وأكثرها وضوحاً ما يلي:- « التضخم هو الارتفاع المستمر والملموس في المستوى العام للأسعار»([1]).- « يُقصد بالتضخم ارتفاع المعدل العام للأسعار خلال فترة زمنية محددة والتي تكون عادة سنة واحدة أو أكثر »([2]).- « التضخم هو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، ولا يقصد به ارتفاع سعر سلعة معينة، وإنما أسعار السلع عموماً، بحيث كلما ارتفع المستوى العام لأسعار السلع والخدمات فإن القيمة التي يشتريها الدينار من هذه السلع تقل »([3]).- « يتمثَّل المظهر العام لظاهرة التضخم في الانخفاض المتواصل للقيمة الحقيقية لوحدة النقد »([4]).ويمكن أن نضع تعريفاً شاملاً لظاهرة التضخم.هو ذلك الارتفاع الدائم والمحافظ عليه في المستوى العام للأسعار خلال فترةٍ زمنية محددة، وتلجأ الأجهزة المهتمة بظاهرة التضخم إلى اختيار مجموعةٍ معينة من السلع تُمثِّل هذا الكم الكبير ويطلق على هذه المجموعة المختارة "سلة السوق"، وتقوم تلك الأجهزة بحساب نفقة جراء هذه المجموعة من السلع لسنةٍ معينة وتُقارنها بنفقة الشراء لنفس المجموعة في سنة الأساس.المطلب الثاني: قياس التضخم.بالرغم من الشعور بالآثار التضخمية إلا أنه لابد من اللجوء إلى أسلوبٍ لقياس مدى التضخم وحجمه لتقدير آثاره المختلفة، وتقييم مشاكله، بناءً على حساباتٍ صحيحة، وليس مجرد الشعور به.وقياسُ التضخم هو عبارة عن تشخيص الوضع الاقتصادي، وبقدر ما يكون التشخيص صحيحاً دقيقاً، بقدر ما يمكن أن يكون الحل والعلاج صحيحاً أيضاً([5]).والجدير بالذكر أن احتساب الأرقام القياسية للأسعار يحتاج إلى أجهزةٍ إحصائية كبيرة، كالدائرة العامة للإحصاءات والتي تقوم عادةً باحتسابها ونشرها بنشراتٍ دورية سنوية أو نصف سنوية([6]).لذا علينا تطبيق الأسلوب الإحصائي الرياضي الذي يمكن تلخيصُه كما يلي:أولاً- المُخفِّض الضمني لأسعار الناتج المحلي([7]):يُحسب بالطريقة التالية:المُخفِّض الضمني لأسعار الناتج المحلي = الناتج المحلي الاسمي × 100 الناتج المحلي الحقيقي - إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية أكبر من 100 فهو يعني أن الأسعار قد ارتفعت.- إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية أقل من 100 فهو يعني أن الأسعار قد انخفضت.- إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية يساوي 100 فهو يعني أن الأسعار لم تتغير([8]).ثانياً- الرقم القياسي لأسعار المستهلك:في كثيرٍ من الحالات ينصبُّ الاهتمام بشكلٍ خاص على تأثير التغيُّرات السعرية على القدرة الشرائية للمستهلك، بدلاً من قياس المعدل العام لارتفاع الأسعار؛ لهذا الغرض يُستخدم الرقم القياسي لأسعار المستهلك والذي يمكن احتسابه بعدة طرقٍ أهمها([9]).1- الرقم القياسي البسيط (الطريقة التجميعية البسيطة):هو عبارة عن نسبة مجموع أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في السنة الجارية إلى أسعارها في سنةٍ سابقة، تُسمَّى سنة الأساس، وفق المعادلة التالية:الرقم القياسي البسيط = النا مجموع أسعار السنة الجارية × 100 مجموع أسعار سنة الأساس على الرغم من سهولة هذه الطريقة في التطبيق العملي، إلا أنها تتضمن بعض المآخذ وهي:- لا تأخذ هذه الطريقة في حساب الرقم القياسي الأهمية النسبية لمختلف السلع المعتَبرة في الرقم القياسي([10]).- لا يأخذ بعين الاعتبار الأهمية النسبية للسلع الاستهلاكية في ميزانية المستهلك التي بالتأكيد تُؤثِّر على القدرة الشرائية للمستهلك([11]).- لا تأخذ هذه الطريقة في حساب الرقم القياسي اختلاف السعر الناشئ عن اختلاف المقاييس والأوزان([12]).2- الرقم القياسي المُرجَّح (الطريقة التجميعية المُرجَّحة بالأوزان):للتغلُّب على عيوب الطريقة الأولى لحساب الرقم القياسي لأسعار تكاليف المعيشة([13])، يمكن ترجيح أسعار السلع بأوزانٍ محددة، وقد تكون عبارة عن كمية أو حجم السلعة المباعة أو المستهلكة، أو الداخلة في حساب الرقم القياسي للأسعار، وذلك في سنة الأساس، أو سنة المقارنة، أو أي سنةٍ مختارة. وهذا الترجيح، يُبرز الأهمية النسبية لسلعةٍ من السلع المختلفة المُعتبَرة ضمن الرقم القياسي للأسعار؛ لذلك نجد أمامنا ثلاثة طرق لحساب الرقم القياسي بالطريقة التجميعية المُرجَّحة وهي:أ - الرقم القياسي للأسعار بطريقة لاسبير (طريقة سنة الأساس): في هذه الطريقة نُرجِّح بالكميات المباعة أو المستهلكة في سنة الأساس عند حسابنا الرقم القياسي وفق الصيغة التالية:حيث: : مجموع قيم كميات سنة الأساس بأسعار سنة المقارنة؛: مجموع قيم كميات سنة الأسعار بأسعار سنة الأساس([14]).ب- الرقم القياسي للأسعار بطريقة باش (طريقة سنة المقارنة): تأخذ هذه الطريقة الصيغة التالية:حيث أن: تُمثِّل مجموع قيم كميات سنة المقارنة بأسعار سنة المقارنة.تُمثِّل مجموع قيم كميات سنة المقارنة بأسعار سنة الأساس.ج- الرقم القياسي للأسعار بطريقة فيشر (طريقة الرقم القياسي الأمثل): يُمثِّل حساب الرقم القياسي للأسعار بطريقة فيشر على أنه يُمثِّل الوسط الهندسي لكل من الرقم القياسي بطريقة لاسبير وبطريقة باش كما في الصيغة التالية:أو إن اختيار سنة الأساس يجب أن يكون كسنةٍ طبيعية، فإذا كانت سنة الأساس تتميَّز بالتضخم لظهرت أسعار السنوات الأخرى السابقة واللاحقة لها منخفضة، وإذا تميَّزت سنة الأساس بسنة الكساد([15])وهبوط المستوى العام للأسعار لظهرت أسعار السنوات الأخرى السابقة واللاحقة لها في شكل أسعارٍ تضخمية مرتفعة. وعليه، فإنه يجب أخذ سنة الأساس كسنةٍ طبيعية بعيدة عن التضخم والكساد([16]).3- الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك([17]):يُستخدم في احتساب هذا الرقم الإنفاق الاستهلاكي([18])الكلي مقيما بأسعار السنة الجارية ويسمى الاستهلاك الاسمي مقسوما على الإنفاق الاستهلاكي نفسه مقيما بأسعار سنة الأساس والذي يُطلق عليه الاستهلاك الحقيقي بموجب المعادلة التالية:الرقم القياسي العام = الإنفاق الاستهلاكي الاسمي × 100 الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي وللرقم القياسي لأسعار المستهلك أهمية خاصة؛ لأنه غالباً ما يُستخدم في احتساب الأجور الدخول الحقيقية للعمال، والتي على أساسها تقوم المفاوضات بين النقابات العمالية([19])مع أصحاب العمل في الأقطار الصناعية الكبرى([20]).
عدل سابقا من قبل Admin في السبت ديسمبر 20, 2008 1:49 am عدل 1 مرات | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:36 am | |
| المبحث الثاني أنواع التضخم وأسبابه إن تعدُّد المفاهيم الخاصة لكلمة التضخم أدَّى إلى وجود أنواعٍ متعدِّدة لها، متشابكة ومتشابهة من حيث المظهر والسمات، وهذه الأخيرة ناتجة عن عدة أسبابٍ، سواءً كانت من جانب العرض، أو من جانب الطلب، أو غيرهما.المطلب الأول: أنواع التضخم.يمكن التمييز بين أنواعٍ مختلفة من التضخم، إلا أن هذه الأنواع ليست منفصلةً عن بعضها البعض، بل مترابطة ومتشابكة؛ إذ قد يتضمَّن نوعٌ من التضخم نوعاً أو أنواعاً أخرى. كما أن حدوث أحد الأنواع قد يُؤدِّي إلى حدوث نوعٍ أو أنواعٍ أخرى. ويمكننا الاعتماد على عددٍ من المعايير والأسس للتمييز بين الأنواع المتعدِّدة للتضخم([21]).أولاً- حسب القطاع الذي يحدث فيه التضخم.يُفرِّق الاقتصادي كينز([22])وفقاً لهذا المعيار بين نوعين من التضخم، بحيث يستند إلى القطاع الذي يحدث فيه التضخم، وهو يقسم التضخم كما يلي([23]).1- التضخم السلعي([24]):وهو التضخم الذي يحدث في سوق أو قطاع السلع الاستهلاكية([25])، حيث يُسهِّل هذا التضخم على مُنتجي السلع الاستهلاكية الحصول على أرباحٍ عالية، وهو يُعبِّر عن زيادة نفقة إنتاج سلع الاستثمار على الادخار([26]).2- التضخم الرأسمالي([27]):هو التضخم الذي ينشأ في سوق أو قطاع سلع الاستثمار([28]) ، عندما يُحقِّق المُنتِجون في صناعات سلع الاستثمار أرباحاً قدرية.ثانياً- حسب درجة التشغيل في الاقتصاد الوطني:يُشير كينز حسب هذا المعيار إلى نوعين من التضخم هما:1- التضخم الحقيقي([29]):يُطلق على الارتفاع في الأسعار الذي يحدث بعد وصول الاقتصاد إلى مرحلة التشغيل الكامل([30])؛ حيث لا يصاحب الزيادة في الطلب الفعلي([31])زيادةٌ في الناتج الوطني وفي التشغيل، أي زيادة في السلع والخدمات المتاحة للشراء؛ وذلك لانعدام مرونة عرض المُنتَجات؛ مما يسبب ارتفاعاً ضاراً في مستوى الأسعار، وهو يحمل في طياته ضرراً كبيراً ذوي الدخول المنخفضة والثابتة، ويعيد توزيع الدخل الوطني لصالح الطبقة ذات الدخل غير المحدود، إذ لا يصاحب الزيادة في الأسعار أية زيادةٍ في حجم التشغيل والناتج([32]).2- التضخم غير الحقيقي (شبه التضخم)([33]):يُطلِق كينز على الارتفاع في الأسعار الذي يحدث قبل الوصول إلى مرحلة التشغيل الكامل في الاقتصاد بالتضخم غير الحقيقي أو التضخم الجزئي، حيث ترتفع الأسعار مع زيادة الطلب الفعلي وزيادة حجم التشغيل، أي أن زيادة الطلب الفعلي تُؤدِّي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات المتاحة للشراء مصحوبة بارتفاع في مستوى الأسعار وهذا الارتفاع في الأسعار ليس ضارا ولذلك يطلق عليه أحيانا بالتضخم الجيد([34])كما يقصد به أنه النوع الذي يتحقق حين لا يقابل الزيادة في الطلب الكلي زيادة معادلة في الإنتاج ولذلك فإن أثر ذلك سينعكس في ارتفاع المستوى العام للأسعار على أن ذلك لا يمنع ارتفاع الأسعار حتى قبل الوصول إلى حالة التشغيل الشامل([35]). وشبه التضخم لا يحمل في طياته ضرراً كبيراً حيث يعتبر الارتفاع في مستوى الأسعار هو الثمن الذي يدفعه المجتمع إذا ما أراد مزيدا من الإنتاج والعمالة والتشغيل([36]).ثالثاً- حسب درجة إشراف الدولة على الأسعار:يُفرِّق الاقتصاديون بين نوعين من التضخم وفقاً لهذا المعيار:1- التضخم الصريح([37]):يحدث هذا التضخم عندما ترتفع الأسعار بصورة مستمرة استجابة لفائض الطلب([38])دون أن يعترض طريقها أي عائق([39])وتزداد فيه سرعة تداول النقود وتتوقف عن العمل كمستودع للقيمة واستمرار ذلك يؤدي إلى انهيار النظام النقدي وتنهار معه قيمة الوحدة النقدية([40]).ويحدُث هذا النوع عادةً في أعقاب الحروب أو الأزمات الشديدة، حيث تنهار قيمة النقد في الدولة، وتفقد ثقة الأفراد فيها والتخلِّي عن التعامل بها واللجوء إلى عمليات المقايضة في التبادل، وتضطرُّ الدولة عادةً إلى إلغاء العملة المُتداولة، وطرح عملةٍ جديدة للتعامل تكتسب ثقة الأفراد، من خلال موازنة المعروض منها مع مستوى النشاط الاقتصادي([41]).2- التضخم المكبوت([42]):لا يظهر في هذا النوع ارتفاعٌ ملموس للأسعار نتيجةً لرقابة الدولة الشديدة على الأسعار والقيود المباشرة التي تتحكَّم من خلالها بالتسعير([43])أو بالتوزيع للسلع والخدمات. كما تقوم السلطات بتوزيع المواد الأولية على المنتجين وفق معايير محددة، أو تعمد إلى استحصال التراخيص من الجهات المعنية للحصول على السلع أو الخدمات([44])،أو منح الإعانات للمشروعات لتغطية جزءٍ من نفقات الإنتاج، وما شابه ذلك([45]).إن الإجراءات الحكومية السابقة لا تُلغي الزيادات الحقيقية في الأسعار، والتي تظهر بصورة إنفاقٍ نقدي في السوق السوداء([46])؛مما تضطر الحكومة إلى الإذعان لهذه الأسعار المتزايدة والتي تُقابلها وفرة السيولة النقدية أو القوة الشرائية لدى الأفراد؛ مما يعكس فائضاً في الطلب على السلعة والخدمات المختلفة([47]).وغالباً ما يظهر هذا النوع في الاقتصاديات المخططة مركزياً الاشتراكية([48]).
عدل سابقا من قبل Admin في السبت ديسمبر 20, 2008 1:50 am عدل 1 مرات | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:37 am | |
| رابعاً- حسب مصدر التضخم: حسب هذا المعيار نجد نوعين من التضخم هما:1- التضخم المحلِّي([49]):غالباً ما يحدث هذا النوع نتيجةً للإفراط في الإنفاق المحلي مقارنةً بما هو متاحٌ من سلع. ويحدث الإفراط في الإنفاق المحلي نتيجةً لعوامل مختلفة أهمها السياسات الحكومية التوسُّعية، سواءً المالية منها أو النقدية، وقد تلجأ الحكومة إلى الاقتراض المحلي ببيع السندات في السوق المفتوحة([50])؛ لمقابلة التوسع في نفقاتها المتكرِّرة والرأسمالية، أو لتغطية العجز في ميزانيتها([51]). كما قد يكون مصدر التزايد في الإنفاق المحلي المغالاة في الاستهلاك الخاص أو التوسُّع في خطط الاستثمار بشكلٍ مبالغ فيه؛ نتيجةً لقراءةٍ خاطئة من قبل رجال الأعمال للمؤشِّرات السوقية([52]).وبعبارةٍ أخرى، التضخم المحلي هو الذي يحدث نتيجة عوامل داخلية تتَّصل بمجموعةٍ من الاختلالات الهيكلية والوظيفية للاقتصاد الوطني، والسياسات التي تتَّبعها الدولة لمواجهة تلك الاختلالات([53]).2- التضخم المُستورَد([54]):هو التضخم الذي يحدث نتيجةً للعلاقات الاقتصادية المتبادَلة بين دول العالم، كما يتعلَّق بتغيُّرات الطلب الأجنبي عل السلع المحلية. فالاقتصاديات المعاصرة مفتوحةٌ على بعضها البعض، وتلعب التجارة الخارجية فيها دوراً رئيسياً، وتُؤثِّر تدفُّقات السلع عبر الدول مباشرةً على الأسعار، من خلال التأثير في الطلب الكلي، كما أن تدفُّقات رأس المال الدولية تؤثِّر بشكلٍ غير مباشر على الأسعار المحلية، من خلال أسعار الفوائد وأسعار الصرف الأجنبي([55]).ويعود سبب بروز هذا النوع من التضخم إلى الارتفاع الحاد والمستمر في أسعار السلع النهائية المُستورَدة من الخارج، وهو يتميَّز بصعوبة السيطرة عليه، وتعتمد عليه أغلب الدول النامية؛ نتيجة الاعتماد الكبير على السلع المستورَدة، سواءً كانت استهلاكية أو إنتاجية؛ من أجل تنفيذ برامجها التنموية والاجتماعية، أو من أجل سداد ما تحتاجُه من موادٍ غذائية، حيث أن تلك المستورَدات التي تتميَّز باستمرار ارتفاع الأسعار حيث لابد وأن ينتقل هذا الارتفاع إلى الدول النامية([56]).خامساً- حسب حدة التضخم:يتضمَّن هذا المعيار ثلاثة أنواعٍ للتضخم تتجلَّى فيما يلي:1- التضخم المفرط([57]):ينشأ هذا النوع نتيجة التوسُّع غير الطبيعي في كمية النقود، أو نتيجةً للتغيُّر المستقل في التوقُّعات والزيادة اللاحقة في عرض النقود([58]). كما أنه ينشأ بسبب النقص في كمية المعروض السلعي؛ وهذا نتيجةً للظروف غير العادية التي قد يمرُّ بها الاقتصاد الوطني([59]).في هذا النوع من التضخم تحدث الدورة الخبيثة نتيجةً لارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير الذي يقود إلى زيادة الأجور بشكلٍ ينسجم مع هذه الزيادة في الأسعار، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في القطاعات الإنتاجية؛ مما يتسبَّب في تقليل أرباح هذه القطاعات؛ مما يدفعها إلى زيادة أسعار سلعها التي تُنتجها، وهذا ما يدفع بدوره إلى المطالبة بزيادة الأجور وهكذا([60]).2- التضخم المتقلِّب([61]):يحدث هذا النوع عندما ترتفع الأسعار بمعدلاتٍ كبيرة لفترةٍ معينة، ثم تتدخَّل السلطات الحكومية والنقدية لتحدَّ هذا الارتفاع لفترةٍ تالية أخرى، ثم تعود الأسعار لترتفع من جديدٍ بحرية وبمعدلاتٍ كبيرة لفترةٍ تالية أخرى، وهكذا([62]).3- التضخم المعتدل (الزاحف)([63]):يُعرَّف على أنه التضخم الذي ترتفع فيه الأسعار ببطء؛ فعندما تكون الأسعار مستقرةً نسبيا،ً فإن الناس يثقون في النقود، ويكونون راغبين في الاحتفاظ بالعملة لدى البنوك في حساباتٍ جارية، أو ودائع ادخارية منخفضة العائد؛ لأن نقودهم ستكون تقريباً ذات قيمة عندما يقومون بسحبها بعد شهر أو سنة، تماماً كما هي اليوم([64]).أنواع التضخم
حسب القطاع الذي يحدث فيه التضخم
حسب درجة التشغيل في الاقتصاد الوطني
حسب درجة إشراف الدولة على الأسعار
حسب مصدر التضخم
حسب حدة التضخم
تضخم سلعي
تضخم رأسمالي
تضخم حقيقي
تضخم صريح
تضخم مكبوت
تضخم محلي
تضخم مستورد
تضخم مفرط
تضخم متقلب
تضخم محلي
تضخم معتدل
تضخم غير حقيقي المصدر: الشكل من إعداد الطالبات. | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:38 am | |
| المطلب الثاني: أسباب التضخم. يحدِّد الاقتصاديون عدة أسباب للتضخم وهي: أولاً- التضخم الناشئ عن الطلب([65]): يحدث هذا النوع من التضخم حين يرتفع الطلب الكلي الإجمالي لقطاع المستهلكين والمستثمرين في المجتمع([66])نتيجة لزيادة حجم النقود لدى الأفراد والمؤسسات في الوقت الذي يظل فيه العرض المتاح من السلع والخدمات أكثر محدودية مع ثبات حجم السلع والخدمات المتاحة في المجتمع أي أن هناك نقودا كثيرة تقابلها سلع قليلة في الأسواق مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر ومتزايد([67])كما يمكن أن يحدث هذا التضخم حتى مع زيادة الإنتاج وذلك في حالة زيادة الإنفاق النقدي بدرجة كبيرة تفوق معدل المنتج من السلع والخدمات ومن هنا تظهر أهمية زيادة الإنتاج الحقيقي حتى يكبح جناح التضخم([68]). ويرجع سبب ارتفاع الطلب إلى: - قيام الدولة بتغطية العجز([69])الحاصل في الموازنة العامة عن طريق إصدار النقود أو طبعها من خلال البنك المركزي فإن ذلك سيؤدي إلى حقن الاقتصاد بكميات من النقود لا يقابلها توسُّعٌ في القاعدة الإنتاجية للبلاد مما يخلق أحجاما نقدية مع ثبات الإنتاج([70])تتَّبع هذه العملية بارتفاع مفاجئ وعنيف في الأسعار حيث لا يترك للمؤسسات الوقت لتحسين مستوى إنتاجها([71]). - قيام الحكومات بالتوسع النقدي )سياسة نقدية توسعية )من خلال طباعة كميات كبيرة من النقود وطرحها في السوق بهدف مواجهة ظروف استثنائية كالحروب والأزمات السياسية والاقتصادية([72]). - إن التوسُّع في فتح الاعتمادات من قبل البنوك التجارية وبموافقة البنك المركزي ومنح الإئتمان([73])هو عامل مهم في تزويد الأسواق بالأموال وذلك بتخفيض سعر الفائدة فيزيد إقبال رجال الأعمال على الاستثمار وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع الأسعار([74]). ثانياً- التضخم الناشئ عن التكاليف([75]): ينشأ هذا التضخم نتيجة التغيرات التلقائية في نفقات المشروعات وقد تحدث هذه التغيرات في النفقات نتيجة([76]). - قد يلجأ العمال من خلال نقاباتهم إلى المطالبة والضغط على المنتجين وأرباب العمل بزيادة الأجور وما يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الإنتاج وهذا ما يدفع المنتجين إلى زيادة الأسعار لتعويض الزيادة في تكاليف الإنتاج من أجل المحافظة على المعدلات العالية للأرباح([77]). - ارتفاع تكاليف المُنتَجات المستوردة مثل الطاقة المواد الأولية مواد التجهيز، ...الخ([78])، بشكلٍ مفاجئ، وفي جميع الحالات فإن ذلك يترك أثراً مباشراً على السعر النهائي للمنتجات التي تأثَّرت بزيادة تكاليف عناصر إنتاجها ويكون الأثر ملموسا كلما كانت زيادة تكاليف عناصر الإنتاج كبيرة. - انخفاض الكفاءة الإنتاجية للشركات وذلك بسبب الفقد والضياع في المواد الخام أو المنتجات النهائية أو نتيجة لقدم الآلات والمعدات أو سوق مناولة السلع أو التخزين أو غيرها([79]). ثالثاً- التضخم من خلال الهياكل الاقتصادية والاجتماعية (التضخم الهيكلي): هو الذي يرتبط بطريقة الإنتاج الرأسمالي وبالقوانين الموضوعية المنظمة للنشاط الاقتصادي ويرجع سبب بروز ظاهرة التضخم إلى التغيرات الهيكلية التي تحدث في مسار وحركة الاقتصاد الوطني وما يترتب عليها من تغيرات هيكلية في كل من الطلب والعرض الكلي([80])بحيث يعود سببها إما إلى سلوك العناصر الهيكلية للاقتصاد مثل السكان أو شكل المشروعات أو هيكل السوق وإما إلى جمود العلاقات بين تلك العناصر([81]). وتزداد أهمية هذا النوع من التضخم لطبيعة الاقتصاد الديناميكية، وزيادة مدى التداخل والاعتماد المُتبادَل بين الصناعات المختلفة([82]). ويمكن القول بأن هذا النوع من التضخم أكثر ما تتعرَّض له اقتصاديات الدول النامية؛ نتيجة لسعيها في تحقيق برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية([83]). رابعاً- العامل النقدي التضخم المشترك: إن زيادة كمية النقود في المجتمع تُؤدِّي إلى زيادة الأسعار، وزيادة النقود تأتي من زيادة كميتها وسرعة دورانها([84])، والكمية وسرعة الدوران متعلِّقةٌ بالسياسة النقدية والسياسة المالية للدولة. فعند قيام البنك المركزي بإصدار النقود ضمن سياسة التغطية للعجز، أو توسُّع البنوك التجارية بخلق النقود وزيادة حجمها من خلال القروض وتسهيل منح الائتمان؛ كل هذا يُؤدِّي إلى زيادة كمية النقود في المجتمع([85])بدون تغيُّر في حجم الإنتاج، وأن يتوافق ذلك مع الزيادة في تكاليف الإنتاج من أجور وخلافه([86]). إن رفع الرواتب وزيادتها في أوقاتٍ تلوح ببوادر التضخم فيها دون دراسةٍ ورؤية، قد يزيد من تأثير النقود وزيادتها على مستوى الأسعار([87]). خامساً- التضخم نتيجة الربح: إن أسعار السلع والخدمات ترتفع كنتيجة لرفع معدلات الربح السائدة هذا وقد لا يكون هناك أي دافع أو مبرر وراء زيادة معدلات الربح سوى طمع البائع وجشعه خاصة في الحالات التي تسود السوق فيها ظروف من المنافسة غير التامة كالاحتكار([88])أو ما شابه وفي مثل هذه الحالات فإن معدلات الأرباح لابد وأن تكون على حساب المستهلك، وسوف تنعكس مباشرةً في ارتفاع الأسعار وتناقص القيمة الشرائية للنقود([89]). | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:39 am | |
| المبحث الثالث النظريات المفسرة للتضخم والسياسات المعالجة له تختلف النظريات في تفسيرها لمصدر القوى التضخمية الباعثة أو الدافعة إلى الارتفاع المتواصل للأسعار فتُركِّز كل منها على مصدر تعتبره أساسياً في خلق هذه القوى التضخمية. ونظراَ للآثار السيِّئة للتضخم، تحاول الدولة أن تسلك كافة السبل من أجل مكافحته، أو الحدِّ من آثاره، وذلك بالبحث عن مصدره، ومحاولة القضاء عليه.المطلب الأول: النظريات المفسرة للتضخم.توجد العديد من النظريات التي تقوم بتفسير أسباب حدوث التضخم، ويمكن تقسيم هذه النظريات إلى ما يلي:أولاً- النظرية النقدية التقليدية نظرية كمية النقود كمفسر للتضخم([90]):تُعتبر هذه النظرية من أولى النظريات التي حاولت تفسير تحديد المستوى العام للأسعار وما يحدث فيه من تقلُّبات([91])، وقد اعتمدت على الفروض والدعائم التالية:1- الفرضيات:أ- كمية النقود هي العمل الهام والفعال في التأثير على حركات الأسعار وبمعنى آخر فإن التغيرات الطارئة على الأسعار إنما ترجع إلى التغيرات الحاصلة للكمية النقدية وبنفس النسبة.ب- تتناسب كمية النقود تناسباً طردياً مع الأسعار بمعنى أنه إذا زادت الكمية النقدية المتداولة يترتب عليه ارتفاع في مستوى الأسعار السائدة وبنفس النسبة وكذلك في حالة انخفاض الكمية النقدية ينخفض مستوى الأسعار.ج- تتناسب الكمية عكسيا مع قيمة النقود التي تُمثِّلها فهي العامل الرئيسي والهام في التأثير على القوة الشرائية للوحدة النقدية بمعنى أنه إذا ازدادت الكمية النقدية المتداولة انخفضت القوة الشرائية للنقود التي تُمثِّلها.د- تتناسب الكمية النقدية تناسبا طرديا مع الطلب على السلع وعكسيا مع العرض بمعنى أنه إذا ازدادت كمية النقود المتبادلة فإنه يترتب عليه ارتفاع في معدل الطلب على السلع ونقصه في العرض عليها.ﻫ - هناك تشغيلٌ كامل لعناصر الإنتاج([92]).ووفقاً لهذه الفرضيات التي استند إليها التحليل الكلاسيكي، فإن مستوى الإنتاج ثابت؛ باعتبار أن الاقتصاد بلغ مستوى التشغيل الكامل. لهذا فإن حجم المعاملات سيكون ثابتاً، وسرعة دوران النقود هي الأخرى ثابتة؛ لهذا فإن المستوى العام للأسعار يتغيَّر تبعاً لتغيُّر كمية النقود المعروضة في المجتمع، كما يتَّضح ذلك من المعادلة التالية المعروفة بمعادلة المبادلة التي صاغها فيشر وهي:حيث: : متوسط كمية النقود خلال فترةٍ من الزمن.: سرعة دوران النقود.: حجم المعاملات.: المستوى العام للأسعار([93]).مما تقدَّم نستنتج أن الاختلاف في الوضع الاقتصادي ينشأ من التغيُّرات بين كمية النقود المعروضة من جهة، وحجم الناتج المُتاح من السلع والخدمات من جهةٍ أخرى. إذن المستوى العام للأسعار يُمثِّل العامل التابع للعنصر المستقل المتمثِّل في كمية النقود المعروضة، وإن التغيُّر - سواءً بالزيادة في حالة التضخم أو بالانخفاض في حالة الكساد - في كمية النقود المعروضة سيترُك أثره بنفس القدر من المستوى العام للأسعار([94]).2- تطوُّر النظرية الكمية للنقود:تطوَّرت صياغة هذه النظرية على يد ألفريد مارشال([95])وأعضاء مدرسة كمبردج([96])،وأخذت معادلة التبادل صيغةً جديدة من جانب هذه المدرسة، وذلك بإحلال فكرة الطلب على النقود مكان سرعة الدوران، واستخدام الناتج الوطني أو الدخل الحقيقي ، بدلاً من حجم المعاملات؛ وعليه تصبح صيغة معادلة التبادل طبقاً لمدرسة كمبردج كالآتي([97]):ورغم أهمية تطوير معادلة التبادل لـفيشر كمعبِّرٍ عن النظرية الكمية، إلا أن مدرسة كمبردج لم تختلف عن النظرية الكلاسيكية الكمية على المدى القصير في إطار معادلة التبادل التي تربط بعلاقةٍ طردية بين المستوى العام للأسعار وكمية النقود. فعلى المدى القصير، يترتَّب عن زيادة عرض النقود على الطلب عليها ارتفاعٌ متناسب في المستوى العام للأسعار. أما في الفترة الطويلة، حيث تنمو الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطن،ي ومع الأخذ بعين الاعتبار اتجاه الطلب على النقود نحو التغيُّر، فإن زيادة كمية النقود بمعدلٍ أكبر من معدل الناتج الوطني سوف تُؤدِّي إلى ارتفاع الأسعار([98]).3- الانتقادات الموجهة للنظرية التقليدية:لقد وُجِّهت عدة انتقاداتٍ للنظرية الكمية كمفسرٍ للتضخم، خاصةً في صورتها التقليدية. فيرى البعض أن العلاقة التي تسبغها على تأثير التغيُّر في كمية النقود على مستوى الأسعار ليست بالشكل البسيط الذي تُصوِّره هذه النظرية؛ فقد ترتفع الأسعار لأسبابٍ لا دخل لزيادة كمية النقود فيها([99]).ذلك أن أزمة الكساد (1929 – 1933)([100]) أثبتت عدم صحة هذا التقييم للتضخم؛ إذ لم تُؤدِّ زيادة كمية النقد الذي أصدرته الحكومة إلى ارتفاع الأسعار؛ بسبب ازدياد التفضيل النقدي للأفراد الذين كانوا يتوقَّعون انخفاضاً أكثر للأسعار، وهذا ما يُوضِّح أن النقود تُطلب لذاتها زيادةً على كونها وسيلةً للتبادل([101]). ومن الانتقادات أيضاً، عدم واقعية افتراض ثبات الناتج الوطني وسرعة دوران النقود، ومبدأ حياد النقود، وأيضاً افتراض أن العلاقة بين كمية النقود ومستوى الأسعار تسير في اتجاهٍ واحد. فافتراض ثبات الناتج الوطني يستند إلى افتراض حالة التشغيل الكامل، وهي حالةٌ خاصة في الدول الصناعية. كما أن مبدأ حياد النقود غير واقعي؛ فالناتج الوطني يتأثَّر بالعوامل النقدية، ويقول النقاد أن الارتفاع المتواصل في الأسعار يُؤدِّي إلى خلق المزيد من عرض النقود([102]).ومع التحفُّظ على بقاء الأشياء الأخرى كما هي، فإنها تكون بديهية عديمة النفع والمشكلة الحقيقية هي أن الأشياء الأخرى نادراً ما تظل كما هي، بل إنها تتغيَّر ليس فقط في الفترة الطويلة، ولكن أيضاً في الفترة القصيرة نسبياً([103]).ورغم هذه الانتقادات، إلا أن هذه النظرية استطاعت أن تُفسِّر الارتفاع التضخمي في الأسعار تحت ظروفٍ معينة، يتحقَّق فيها قدرٌ كبيرٌ من افتراضاتها، وخاصةً في البلدان المتخلِّفة، حيث جمود جهازها الإنتاجي يُقرِّبها من افتراض ثبات الناتج الوطني([104]).كما أنه في صورةٍ إجمالية، لا يمكن إنكار ما لهذه النظرية من فضل السبق في التنبيه إلى خطورة الدور الذي يلعبه الإفراط النقدي في خلق الموجات التضخمية، وهو دورٌ لم تنكره نظرية التضخم اللاحقة([105]). ثانياً- النظرية الكينزية كمفسر للتضخم:لقد أثار كينز في نظريته العامة التي احتواها كتابه الشهير " النظرية العامة في التوظيف والفائدة والنقود " أن النظرية التقليدية للنقود فشلت في تشخيص أسباب الكساد الكبير، كما رفض الأفكار الأساسية للتحليل الكلاسيكي في مجال النقود وسعر الفائدة والادخار والاستثمار. استخدم كينز أدوات التحليل الجزئي في الطلب والعرض على المستوى الكلي؛ فعنده يتحدَّد المستوى التوازني للتشغيل والدخل الوطني الحقيقي بالطلب الكلي الفعال، أي عند تقاطع منحنى الطلب الكلي مع منحنى العرض الكلي. وحيث أن هذه النظرية خاصة بالفترة القصيرة، فإنها تقوم على عددٍ من الافتراضات، منها ثبات العوامل المحددة لموقع دالة العرض الكلي، ومن ثم التغيُّر في الطلب الكلي الناتج عن تغيُّر عنصرٍ أو آخر من عناصر الإنفاق الوطني، فمثلاً الاستثمار يُحدِّد التغيُّر في مستوى التوظيف لعوامل الإنتاج القابلة للتشغيل؛ وبالتالي الناتج أو الدخل الوطني([106]).ويتميَّز التحليل الكينزي في تفسيره للتضخم بمرحلتين أساسيتين:المرحلة الأولى:حيث يعاني الاقتصاد الرأسمالي الصناعي من تعطُّلٍ في قسمٍ من موارده الإنتاجية القابلة للتشغيل، وفي هذه الحالة عندما يزيد الإنفاق الوطني، وليكُن بقيام الحكومة بزيادةٍ في إنفاقها العام، تزيد الدخول ويزيد الإنفاق على الاستهلاك، وهكذا بفعل "المضاعف"([107])، وتحت ظروف الكساد، وفي مواجهة مرونةٍ كبيرة في عرض عوامل الإنتاج القابلة للتشغيل، تعكس الزيادة المتتالية في الدخول والإنفاق نفسها في زيادة الإنتاج، محدثةً ارتفاعاً ضئيلاً في الأسعار. أي أن فائض الطلب تمتصُّه أساساً الزيادة في التشغيل والإنتاج، ولكن مع استمرار زيادة الإنفاق، وعندما يقترب الاقتصاد الوطني من وضع التشغيل الكامل، فإن فائض الطلب لا يُعبِّر عن نفسه في زيادة الإنتاج فقط، بل تبدأ الاتجاهات التضخمية في الظهور، ويطلق على هذا النوع من التضخم الذي يبدأ في الظهور قبل وصول الاقتصاد الوطني إلى مرحلة التشغيل الكامل بـ"التضخم الجزئي"([108]).ويُعزَّى ظهور هذا النوع من التضخم إلى ظهور الاختناقات التي تنتُج من قصور عرض بعض عناصر ومُستَلزمات الإنتاج في بعض الأنشطة عن مواكبة الطلب المُتزايد عليها، وبسبب الضغوط التي تُمارِسها نقابات العمال على أصحاب الأعمال لرفع الأجور بمعدلاتٍ تفوق معدلات الإنتاجية، وأيضاً ظهور الممارسات الاحتكارية لدى بعض المُنتِجين([109]).ولا يُثير هذا التضخم المَخاوِف؛ لأنه يُعدُّ حافزاً لدى بعض الفروع الإنتاجية لزيادة حجم إنتاجها بما يخلقُه من أرباحٍ قدرية([110]). | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| |
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:41 am | |
| المصدر: رمزي زكي، مرجع سابق، ص 363. من الرسم يتَّضح أن المحور الرأسي على الجانب الأيمن يزيد على المحور الرأسي على الجانب الأيسر بمقدارٍ ثابت هو 3% سنوياً؛ الأمر الذي يعني أن معدل التضخم السنوي يقلُّ بمقدار 3% سنوياً عن معدل الزيادة السنوية للأجور النقدية؛ والسبب في ذلك هو أن إنتاجية عنصر العمل تزيد سنوياً بمعدل 3% وأن الأسعار تتحدَّد في التحليل النهائي بمتوسط تكلفة عنصر العمل لكل وحدةٍ منتجة؛ وعليه فإن:معدل التضخم = معدل زيادة الأجور- معدل نمو إنتاجية العمل([122]). انتقادات هذه النظرية:أثارت هذه النظرية جدلاً واسعاً في الخمسينات من القرن الماضي بين أصحاب الشركات ونقابات العمال حول من هو المسؤول عن التضخم؛ حيث ادَّعت النقابات بأن ارتفاع الأجور هو ناتجٌ عن ارتفاعٍ مسبَّق للأسعار، بينما أصر أصحاب الشركات على العكس بأن ارتفاع الأسعار هو ناتجٌ عن ارتفاعٍ مسبَّق للأجور؛ لهذا السبب لم يسبق أن انتُقدت أية نظريةٍ في التضخم بقدر ما انتُقدت نظرية التكاليف. إلا أن التطوُّرات التي حصلت في أسواق النفط العالمية خلال عقد السبعينات من القرن الماضي([123])،وارتفاع أسعار النفط في الفترة (1973- 1974) إلى الضعف تقريباً، ثم ارتفاعها مرةً أخرى في الفترة (1979-1980)، ووُجِّهت الأنظار نحو عاملٍ جديد في ارتفاع تكاليف الإنتاج والأسعار التي حصلت فعلاً في تلك الفترة؛ مما ساعد على تخفيف حدة الخلاف في الرأي بين أصحاب الشركات ونقابات العمال([124]).رابعاً- النظرية المعاصرة لكمية النقود كمفسر للتضخم([125]):أعادت مدرسة شيكاغو([126])بزعامة ميلتون فريدمان([127])النظرية الكمية إلى الحياة ولكن في صورة جديدة وأصبح أنصارها الذين يسمون بالنقديين([128])يشكلون قوة ذات نفوذ متنامي ليس فقط في عالم الفكر والتحليل النقدي، بل أيضاً في مجال تحديد السياسات الاقتصادية عموما والنقدية خصوصا في كل الولايات المتحدة تحت رئاسة رونالد ريجان وفي بريطانيا تحت رئاسة مارجريت تاتشر، وذلك في مجال ما تصفه هذه النظرية من علاج لمكافحة التضخم([129])وتقوم نظرية فريدمان على ركنين أساسيين هما:1- المُؤشِّر الرئيسي في المستوى العام للأسعار هو تطور التغير في كمية النقود وبين الناتج الوطني أو الدخل الوطني الحقيقي أي نصيب الوحدة من الناتج الوطني من كمية النقود وليس مجرد تطور حجم كمية النقود.2- التغيًُّر الذي يطرأ على سرعة دوران النقود أو مقلوبها يعبر عن الأرصدة النقدية التي يرغب الأفراد في الاحتفاظ بها من دخولهم النقدية وهنا يحلل فريدمان في محددات الطلب على النقود في شكل دالة سلوكية ترتبط أساساً بقواعد السلوك الرشيد المأخوذ من نظرية سلوك المستهلك([130])ويرى فريدمان أن الطلب على الاحتفاظ بالأرصدة الحقيقية دالة في المتغيرات الآتية:1- تكلفة الاحتفاظ بالنقود كأصلٍ بديل للأشكال الأخرى للثروة وتقاس بما يفقده المحتفظون بها من عائدات مضحى بها في صور عائد مضحى به في صورة فائدة على السندات أو ربح مضحى به في صورة عائد على الأسهم وما يمكن أن يفقده المحتفظون بثروتهم في نقود من شكل انخفاض قوتها الشرائية نتيجة للتضخم ويقاس بمعدل التضخم المتوقع أو معدل الارتفاع المتوقع في الأسعار خلال فترة من الزمن.2- الثروة والدخل الحقيقي تشمل الثروة كافة العناصر البشرية وغير البشرية ويعتبر فريدمان الدخل الوطني الحقيقي في دالة الطلب على النقود كمتغير محدد للطلب عليها وكمعبر عن الثروة الحقيقية .3- النسبة بين الثروة البشرية وغير البشرية ولنرمز لها بالحرف.4- العوامل التي يمكن أن تؤثر في تفضيل الاحتفاظ بالنقود بالمقارنة بغيرها من الأصول الأخرى ولنرمز لهذه المجموعة من العوامل بـ.وعليه فدالة الطلب على النقود عند فريدمان تأخذ الصيغة التالية([131]):انتقادات هذه النظرية:وفي نظرةٍ تقييمية إجمالية لنظرية الكمية في ثوبها الجديد، فإن تحليل فريدمان يُمثِّل خليطاً من أفكار كينز في تحليله للطلب على النقود في نظريته العامة وتحليل هيكس([132])في مقالته الشهيرة عام 1953 حيث أشار إلى أن هناك ثلاثة مجموعات مت العوامل يتوقف عليها الطلب على النقود هي التفضيلات الفردية للاحتفاظ بالنقود بالمقارنة مع الأشياء الأخرى والثروة والتوقعات بشأن مستقبل الأسعار والمخاطر.كما يمكن القول أيضاً أن هذه النظرية بالمقارنة مع صورها التقليدية أكثر عمقاً وواقعية في تحليلها للعلاقة بين كمية النقود والأسعار؛ فهي تأخذ بعين الاعتبار تأثير التغيُّر في الناتج أو الدخل الوطني الحقيقي والتغيُّر في الطلب على النقود على مستويات الأسعار، بالإضافة إلى الدراسة المتعمِّقة للعوامل التي تُحدِّد الطلب على النقود. وكمُفسِّرٍ للقوى التضخمية في البلاد المُتخلِّفة، تُعدُّ أكثر واقعية في تفسير هذه القوى، بالمقارنة مع نظرية الكمية التقليدية، وأيضاً أكثر صلاحية في هذا المجال من النظرية الكينزية([133]).المطلب الثاني: السياسات المعالجة للتضخم.من أجل معالجة التضخم تستخدم الدولة عادةً السياسات الكلية التي تُؤثّر على الاقتصاد بشكلٍ عام، سواءً أكانت مالية أم نقدية، أو سياساتٍ أخرى من الإجراءات التي تُساهم في الحد من ظاهرة التضخم، وتنحصر فيما يلي([134]):أولاً- السياسة النقدية([135]) في معالجة التضخم:يُعتبر السبب الحقيقي لظهور التضخم زيادة العرض النقدي لذلك تركز هذه السياسات على ضرورة ضبط معدلات الزيادة في العرض النقدي بما يتناسب مع معدل نمو الناتج الحقيقي([136])، وتتكوَّن الإجراءات النقدية من:1- سعر الخصم([137]):هي أقدم وسائل الرقابة غير المباشرة للسياسة النقدية والتي مارستها البنوك المركزية حيث استخدمها بنك انجلترا([138])لأول مرة سنة 1839([139]). ويسمى أحيانا سعر البنك أي السعر الذي على أساسه يكون البنك المركزي([140])راغبا في أن يعيد خصم الأوراق التجارية([141])المقدمة إليه بواسطة البنوك التجارية وتتوقف هذه السياسة على مرونة الطلب على الائتمان حيث قد تنعدم فرص ضرورة الاقتراض من البنك المركزي إذا كان لدى البنوك التجارية([142])وتتمثَّل سياسة سعر الخصم من أجل الرقابة على الائتمان والتأثير في حجم الإنفاق الكلي في رفعه في حالة قبض الائتمان ومكافحة التضخم([143])والارتفاع في سعر الخصم سيتبع بارتفاع في أسعار الفائدة الأخرى للسوق النقدية وينجر عن ارتفاع أسعار الفائدة ما يلي:أ- الاقتراض يصبح أكثر تكلفة من ذي قبل لذلك فإن المقترضون الاحتماليين سيرجئون خططهم الاستثمارية لأنهم سينتظرون حتى تنخفض أسعار الفائدة إلى مستوياتها العادية والخفض في الاستثمار سيعني عادة انخفاض في حجم الإنفاق وبالتالي يساعد على تلطيف حدة الضغوط التضخمية.ب- الزيادة في سعر الفائدة لها بعض الآثار النفسية المعاكسة على ثقة رجال الأعمال بطريقة ما إنها إشارة حمراء لرجال الأعمال بأن أوقات سيئة آتية في الطريق هذا في حد ذاته سيساعد في تثبيط حماسهم لزيادة الإنفاق على الاستثمار.ج- الزيادة في سعر الفائدة قد يجعل الادخار أكثر جاذبية عن ذي قبل لدرجة أن بعض الناس سيحاولون أن يستهلكوا قدرا أقل من دخولهم عن ذي قبل وهذا سيخفض الإنفاق الاستهلاكي([144]).وقد لا تناسب سياسة سعر الخصم للتطبيق في الاقتصاديات النامية نظرا للطبيعة البنيانية المتخلفة لأسواق الخصم والائتمان وجمود الجهاز المالي والمصرفي ومن ثم ضعف في التعامل في الأسواق النقدية والمالية المحلية.2- عمليات السوق المفتوحة([145]):لقد استخدمت في الولايات المتحدة الأمريكية بصورةٍ منتظمة منذ سنة 1923، وأثبت فعاليتها أثناء الكساد الكبير في أوائل الثلاثينات وهي على خلاف سياسة سعر الخصم تتم داخل السوق خارج البنك المركزي وتشكل دعامة للبنك المركزي في رقابته على حجم الاحتياطات النقدية للبنوك التجارية ومن ثم التحكم في حجم الائتمان وكميات النقد المتاحة للتداول([146])ويتمثَّل ذلك في قيام البنك المركزي بشراء أو بيع السندات الحكومية([147])بهدف التأثير المباشر في حجم الاحتياطات النقدية لدى البنوك التجارية([148])ففي حالة التضخم يقوم البنك المركزي بدخول السوق المالي ليبيع ما لديه من سندات حكومية ويتلقى مقابلها نقود ورقية يتقلص من خلالها حجم النقود الزائدة في السوق الأمر الذي يؤدي إلى رفع القوة الشرائية للنقود مرة أخرى بسبب انخفاض عرضها في السوق([149])ويقلل من فعالية السوق المفتوحة وعلى الأخص في البلدان النامية عدم اتساع الأسواق المالية المحلية وقصورها عن استيعاب عمليات كبيرة فضلا عن بدائية النظام المصرفي وعدم وجود فن التعامل فيه كما هو الحال في البلدان المتقدمة([150]).1- نسبة الاحتياطي الإجباري([151]):يقوم البنك المركزي في العادة بقرض نسبة معينة تلزم البنوك التجارية بالاحتفاظ بها كاحتياطي مقابل الودائع لديها ويسمى ذلك بالاحتياطي الإلزامي ويلتزم كل بنك بالاحتفاظ بتلك النسبة لدى البنك المركزي دون أن يحصل منها أية فوائد([152]).إذا أراد البنك المركزي تخفيض حجم العرض النقدي فإنه سيقوم برفع نسبة الاحتياطي النقدي الذي تحتفظ به البنوك التجارية لدى البنك المركزي )سياسة نقدية انكماشية ) وهذا يؤثر على ما تبقى من كل وديعة لدى البنوك التجارية وبالتالي سيؤثر على مقدرة هذه البنوك على الاقتراض وتوفير السيولة النقدية للتداول في الاقتصاد الوطني([153]). | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:43 am | |
| صعوبات استخدام وسائل السياسة النقدية: تكمن صعوبة استخدام أدوات السياسة النقدية في مواجهة ظاهرة التضخم في المسائل التالية([154]). 1- إن الزيادة في سعر الخصم قد تكون غير فعالة إذا كانت البنوك التجارية لا تتبع الارتفاع في سعر الخصم برفع أسعار فائدتها هي في حين لا يوجد تقليد للتعاون الوثيق بين البنك المركزي والبنوك التجارية أولا يكون للبنك المركزي سلطات قانونية لإجبار البنوك التجارية على أن تسير في الصف فإن هذه الصعوبة ستُمثِّل حدا كبيرا على فعالية السياسة النقدية. 2- حتى إذا كانت أسعار الفائدة ترتفع فإنها قد لا تكون قادرة على كبح الإنفاق جوهريا على سبيل المثال إذا كانت توقعات الأرباح جيدة فإن رجال الأعمال لن يبالوا بدفع أسعار الفائدة أعلى قليلا من قروضهم وعلاوة على ذلك يلاحظ أن الاستثمار قد أصبح يمول من الأرباح غير الموزعة([155])حتى أن اعتماد المنشآت على البنوك من أجل أموال إضافية قد إنخفض بشدة لذلك فإن تغيرا في سعر الفائدة قد لا يسبب اضطرابا كبيرا لخطط الاستثمار([156]). 3- فيما يتعلق بكفاءة عملية السوق المفتوحة كوسيلة لكبح النشاط الائتماني للبنوك فإن نجاحها يتوقف على وجود سوق متطورة ذوي قاعدة عريضة في الأوراق المالية الحكومية وإلا فإن عمليات السوق المفتوحة حتى على نطاق صغير ستمارس تأثيرا ضارا على أسعار الأوراق المالية الحكومية وستعوق التنفيذ الكفؤ لعمليات الاقتراض الحكومي([157]). 4- إن انخفاض أسعار الأوراق المالية (السندات) نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة سيعرض أصحابها إلى الخسارة مما سيثير سخطهم على السياسة النقدية([158]). ثانياً- السياسة المالية في معالجة التضخم: يقصد بالسياسة المالية استخدام الميزانية من ضرائب وقروض ونفقات عامة من أجل تحقيق أهداف اقتصادية وبعبارة أخرى استخدام أوعية الميزانية في تحقيق النمو المتوازن([159]).
1- الرقابة الضريبية([160]): تعتبر فكرة الرقابة الضريبية جزءا من السياسات المالية العامة في التحكم في عوامل الإنفاق العام وإحدى المتغيرات التي تستخدمها سياسة الميزانية في الرقابة على التضخم والكساد بحيث تشكل دعامة كبرى من دعائم سياسة الميزانية في مواجهة التقلبات الاقتصادية([161]). وفي حالة قصور الإنفاق الخاص تقتضي سياسة الرقابة الضريبية زيادة الإنفاق بخفض معدلات الضريبة سواء على الأرباح لرفع معدلات الإنفاق الاستثماري أو على الاستهلاك لرفع معدلات الإنفاق الاستهلاكي وترك جزء أكبر من الدخول النقدية بين الأفراد لاستخدامها في تحفيز عناصر الطلب الفعلي من استهلاك واستثمار. أما في حالة جموح الإنفاق الخاص يقتضي معدلات الضريبة التصاعدية([162])على الدخول وذلك لسحب جزء من القوة الشرائية فيقع الأفراد في ظل معدلات أعلى من الضريبة فيحجمون من الإنفاق إلى الادخار لانخفاض مستويات دخولهم مما يلطف من حدة الطلب وفي نفس الوقت يزيد من محصلات الضريبة وهذا ما يحدث في فترات التضخم([163]). إن الحكومة تستطيع أن تلطف من حدة الضغط التضخمي بتخفيض الإنفاق الخاص عن طريق زيادة الضرائب غير أن هذه الأخيرة غير مرنة لعدم قدرتها على التكيف والتلاؤم مع تحديد الميزانيات وتغيراتها لأكثر من مرة في العام كما يؤدي ارتفاع التكلفة الضريبية إلى إضعاف حوافز الإنتاج الاستهلاكي والاستثماري ما دام الناتج من الأرباح سيقتطع في شكل ضرائب([164])كما قد تتعارض فعالية السياسة الضريبية مع الطبيعة البنيانية للاقتصاديات النامية كبدائية الأنظمة المالية والمصرفية وتخلف التراكيب الخاصة بالأجهزة الضريبية وقصور أوعيتها فضلا عن عدم مرونتها كما يشكل التخلف في حد ذاته ضغوطا تضخمية تعيق من نجاح تطبيق هذه السياسة كارتفاع الميول الحدية للاستهلاك([165])والإنتاج الاستهلاكي الشخصي وطبيعته الزراعية بحيث لا يخضع لعمليات الإنتاج الضرورية عبر الأسواق النقدية والمالية([166]). 2- الرقابة على الدين العام([167]): تساهم رقابة الدين العام في إدارة التحويلات المالية وتوجيه الإنفاق الإنتاجي بتجميد القوة الشرائية الزائدة في الأسواق واستخدامها في تمويل الميزانية فالسياسة المالية في رقابتها على الدين العام تعمل على شد العجز في منابع التمويل فهي تقوم بتحويل الموارد المالية أو القوة الشرائية الزائدة من القطاع الخاص إلى القطاع العام وبالقدر الكافي لتثبيت الاستقرار للطلب الكلي الفعال عند مستوى التشغيل الكامل([168]). وغالباً ما تلجأ السلطات الحكومية إلى عقد القروض وطرح الأسهم([169])والسندات([170])للاكتتاب من قبل الجمهور تعضيدا لوسائل الرقابة المالية الأخرى. كما يرى البعض إمكانية تطبيق الأفكار الكنزية بالنسبة لمراقبة الدين العام في البلدان النامية نظرا لضعف معدلات الإنتاج فيها أو عدم التوظيف الكامل للعناصر الإنتاجية فتحقق الزيادات المطلوبة في مستويات الإنتاج الكلي باستخدام سياسة تمويل العجز المنظم بالقروض إلا أنه قد يترتب عنها ارتفاع الأسعار خاصة إذا كان التمويل بالإصدار النقدي([171]). إلا أن مما يجد من سياسة القروض في البلدان النامية ضيق الأسواق المالية وما يجري فيها من معاملات ومبادلات للسندات الحكومية بيعا وشراءا وبالقدر الكافي مما يتطلب زيادة في تعبئة الادخار الاختياري غير المتوفر وانصراف القادرين على توظيف أموالهم في توسيع مشاريعهم أو في مشاريع جديدة أكثر ربحا من توظيفها في القروض الحكومية([172]). | |
|
| |
Admin القائد العام
تاريخ التسجيل : 29/08/2008 الاقامة : الجزائر الجنس : المشاركات : 2981 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م السبت ديسمبر 20, 2008 1:45 am | |
| - الرقابة على الإنفاق العام: تُباشر سياسة الميزانية تأثيرها في الرقابة على التضخم والانكماش من خلال الإنفاق الحكومي سواء الاستهلاكي أو الاستثماري برفع معدلاته أو تخفيضها حسب الأحوال الاقتصادية السائدة ونعني بالإنفاق الحكومي في هذا المجال الإنفاق المباشر الذي تمارسه السلطات الحكومية عن طريق الضريبة ففي حالة التضخم تقوم بإنقاص الإنفاق الحكومي باستحداث فائض في الميزانية يُؤثِّر به على أوجه الإنفاق الأخرى ويجب أن تكون الرقابة بالتقليل من حجم الاستهلاك أقوى أثراً وأكثر مفعولاً من التأثير في حجم الاستثمار([173]). وهكذا فالإجراءات المالية تتألف من خفض الإنفاق الحكومي وفرض ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب القديمة لتقليل حجم الدخل الممكن التصرف فيه في أيدي الناس ولخفض مقدار الفجوات التضخمية وتشجيع إدارة الدين العام بحيث تخفض عرض النقود([174]). ورغم الانتقادات التي تعرضت لها السياسة المالية إلا أنها أثبتت فعاليتها كوسيلة علاجية للأزمات الاقتصادية المختلفة خاصة في حالة الكساد بما تتمتع أدواتها من تأثير فعال في التحكم في الظواهر التضخمية إلا أن تكاثف السياسات الاقتصادية المالية والنقدية كفيلات بمعالجة التضخم([175]).
ثالثاً- الرقابة على الأسعار: بعيداً عن الإجراءات النقدية والمالية، أصبح من الضروري أيضاً اللجوء إلى بعض الإجراءات ذات الطبيعة غير النقدية ومن بينها أن نضع الرقابة على الأسعار على السلع الهامة لمحاولة كبح التضخم([176])وتضم سياسة تثبيت الأسهم عوامل كثيرة هي في حقيقتها أكثر تمثيلا للإجراءات المتعلقة بمعالجة التضخم وأكثر تحديدا لمستويات الأسعار بالتأثير المباشر على حركتها أي على طاب المستهلك وتحقيق نوع من التوازن المقبول ما بين الطلب الاستهلاكي والعرض المقابل له أي تخفيض مستويات الطلب الاستهلاكي من خلال فرض ضرائب جديدة رفع معدلات الضرائب المفروضة الاكتتاب بالقروض ويثبت منطق التحليل الاقتصادي فضلا عن الحقائق التاريخية أن الرقابة على الأسعار في حد ذاتها ليست حلا للضغوط التضخمية ففي أثناء الحرب تلجأ كافة الحكومات إلى فرض رقابة على الأسعار لتقييد الارتفاع فيها ومع ذلك ففي جميع البلاد واصلت الأسعار ارتفاعها([177]). وترجع أسباب عدم الكفاءة النسبية للرقابة على الأسعار إلى ما يلي: 1- إن الحكومة عند مراقبتها للأسعار تهاجم الأعراض بدلا من الأسباب الأساسية للتضخم فإذا لم يسمح لضغط الطلب بأن يعبر عن نفسه في شكل ارتفاع في الأسعار فإنه سيعبِّر عن نفسه في شكل طوابير طويلة من المشترين الاحتماليين وسيكون هناك ميل لأن تزدهر السوق السوداء([178]). 2- نتيجة لما سبق فإن الحكومة ستضطر حالا لأن تراقب توزيع السلع النادرة عن طريق نوعا ما من التقنيين وعاجلاً وآجلاً ستحتاج القيود لأن تمتد إلى الإنتاج أيضا حتى لا يبيع المنتجون إنتاجهم في السوق السوداء وإنه من المستحيل أن تراقب أسعار كل سلعة مما يضطرها إلى مراقبة أسعار السلع المهمة فقط مما يؤدي بها إلى التدخُّل في التشغيل العادي لجهاز الأسعار، وارتفاعٌ في سعر إحدى السلع هو بمثابة إشارةٍ للمُنتِجين ليُنتجوا أكثر. وعن طريق مراقبة أسعار السلع الأساسية، فإن الحكومة لن تُشجِّع تحرُّك المزيد من الموارد إلى هذه الخطوط الملحة للإنتاج. ومن ناحية أخرى، إذا كان الناس لا يستطيعون أن يُنفقوا كل دخولهم على الضروريات الأساسية، فإنهم سيُحوِّلون إنفاقهم إلى الكماليات التي تكون أسعارُها غير مراقبة؛ مما يُؤدِّي إلى ارتفاع أسعارها والموارد القائمة ستُحوَّل من إنتاج الضروريات إلى إنتاج الكماليات، وهكذا تُؤدِّي الرقابة على الأسعار إلى تخصيص غير كفؤ للموارد([179]). رابعاً- الرقابة على الأجور([180]): الرقابة على الأجور ضروريةٌ لإيقاف ارتفاع الأسعار والأجور، تُساعد في تخفيض الضغوط التضخمية([181])، وهي تتمُّ عن طريق ضرورة ربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الإنتاجية للحدِّ من ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض العرض الكلي([182])،أي بتحقيق نوعٍ من المساومة في سبيل إبقاء معدلات الأجور متماشيةً مع التكاليف الإنتاجية الزائدة. ومهما بلغت مُبرِّرات الزيادة في معدلات الأجور، فإنه يجب ضمان سياسةٍ توازنية في الربط بين التغيُّرات في مستويات الإنتاجية والدخول، وإلا ترتَّب على الزيادة في أيِّهما حدوث تضخم([183]
خلاصة واضح مما رأيناه في هذا الفصل أن من أهم المشكلات الاقتصادية التي ثار حولها النقاش والآراء والنظريات التي عانت منها المجتمعات على اختلاف أنظمتها الاقتصادية والسياسية، واختلاف درجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي مشكلة التضخم التي تعددت تعاريفها ولعل أهم تعريف متداول هو الارتفاع العام والمستمر في مستوى الأسعار، ويمكن قياسه بعدة طرق، وكلما كان التشخيص صحيحا ودقيقا كلما سهلت مهمة القضاء عليه، وللتضخم عدة أنواع يمكن تقسيمها حسب القطاع الذي حدث فيه وحسب درجة التشغيل، حسب درجة إشراف الدولة على الأسعار، حسب المصدر وحسب الحدة، ولكل هذه الأنواع أسباب لحدوثها قد تكون ناتجة عن الطلب أو عن التكاليف أو من خلال الهياكل الاقتصادية والاجتماعية أو من خلال العامل النقدي أو نتيجة الربح. ونتيجة لما سبق تعددت النظريات المفسرة لهذه الظاهرة فمنها النظرية النقدية التقليدية التي ترجع سبب التضخم إلى التغيرات بين كمية النقود المعروضة وحجم الناتج المتاح من السلع والخدمات، والنظرية الكينزية التي فسرت التضخم على أنه نتيجة عدم التوازن بين التشغيل والدخل الوطني بالطلب الكلي الفعال، ونظرية التضخم الناتج عن رفع النفقة التي تفسر التضخم بأنه يرجع إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج عامة، والأجور خاصة، بالإضافة إلى النظرية المعاصرة التي تقوم على تطور التغير في كمية النقود بين الناتج الوطني أو الدخل الوطني الحقيقي، ومن جهة أخرى على التغير الذي يطرأ على سرعة دوران النقود، ولمعالجة مشكلة التضخم استخدمت الدول عدة سياسات أولها السياسة النقدية وهذا برفع سعر الخصم، ونسبة الاحتياطي الإجباري بالإضافة استخدام عمليات السوق المفتوحة والسياسة المالية المتمثلة في الرقابة الضريبية، والرقابة على الدين العام والإنفاق العام، وسياسة الرقابة على الأسعار، وسياسة الرقابة على الأجور. | |
|
| |
| التضخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ م | |
|