منتدى بربيح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
القرآن الكريمموقعناالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكورة بربيح

 

 جوانب العظمة في حياة الرسول القدوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
القائد العام
القائد العام
Admin


تاريخ التسجيل : 29/08/2008
الاقامة : الجزائر
الجنس : ذكر
المشاركات : 2981
السٌّمعَة : 4

جوانب العظمة في حياة الرسول القدوة Empty
مُساهمةموضوع: جوانب العظمة في حياة الرسول القدوة   جوانب العظمة في حياة الرسول القدوة Emptyالجمعة سبتمبر 07, 2012 9:53 pm


بقلم / يسري هانئ


﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21 ).


الحمد لله العليم الحكيم، نحمدك اللهم أعظم الحمد على ما هديتنا به من إيمان صادق، ونبي بالحكمة ناطق، هديت به الأمة، وكشفت به الغمة، ومحَوت به الظلمة.


فاق الورى بكمالــــــه * سبق الورى بجماله


عظــمت جميع خصاله * صلوا عليه وآلـــــه


وأشهد أن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، أنقذنا بالإسلاممن كل كرْبٍ وضيق وهدانا بالنبي محمد إلى أعظم طريق، صلِّ اللهم على هذا النبيالتقي النقي، صلاةً تليق بجودك العظيم، وبمقامه الكريم فقد فضَّلته على سائرالنبيين، فاللهم ارض عنَّا بالصلاة عليه ، واجعلنا من خير الواصلينإليه.


موضوعنا هو (جوانب من العظمة في حياة الرسول القدوة) ولاشكَّ أننا في حاجة ماسَّة لمدارسة هذا الموضوع من حياة الرسول، وأننا في حياتنا لابد لنا أن نتمثَّل هذه العظمة لنقتدي به صلى الله عليه وسلم.


الواقع أن قلوبنا تمتلئ روعةً كلما تلونا قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌلِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ (الأحزاب) ومن هنا نطرح سؤالاً:


ما شروط القدوة الحسنة؟


هناك شروط لا بد من توافرها فيمن نتخذه قدوةوهي:


1 ـأن يحمل الأخلاق الفاضلة العالية التي تؤهلهلذلك.


2ـ أن يمكن تمثل جميع الطبقات به؛ بحيث لا تعجز طبقة منطبقات المجتمع عن وجود الأسوة فيه.


3ـ أن يكون هذا الشخص يملك منهاجًا صالحًا موفقًا يستطيع أنيأخذ بيد من يقتدي به إلى سبل الخير والرشاد.


وقد اجتمعت وتحققت هذه الشروط في حياة رسول اللهوشخصه.


الشرط الأول :


فحدث ولا حرج، فالحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- جمع مكارمالأخلاق كلها، وقال فيما يحفظ كل منا "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. ربنا عزوجل يمدحه- صلى الله عليه وسلم- بمدح لم يصل إليه أحدٌ في الأرض من قبل ولا من بعدفيقول﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾(القلم : 4 ) .


سيدي يا رسول الله، مهما قال القائلون فلن يبلغوا فيك قولربك: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)﴾(القلم: 4)الخلق العظيم شيمة الحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- ولهذا وصفه كل من رآه بمجامعالأخلاق الحميدة، حتى وصفه الأعداء بما وصفه به الأصدقاء قديمًا أوحديثًا.


الشرط الثاني :


أن يكون هذا الشخص الذي يُقتدى به محلاًّ لأن يقتدي بهالناس، وهذا هو السر في الآية الكريمة﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾)الأحزاب من الآية 21)؛ حيث نجد هنا أنالأسوة قيِّدت بالوصف، وعندما تُقيد الكلمة بالوصف يُدل هذا على زيادة في المعنى،شمول القدوة لكل الناس وفي كل الأحوال، وقد قال العلماء هنا: إن كلمة "حسنةً" معناها أنكم يا أيها الناس تستطيعون أن تقتدوا برسولكم في كل أحوالكم وعلى اختلافطبقاتكم، فالكل يجد قدوته في رسول الله قائدًا سياسيًّا محنكًا يعرف كيف يُدير شئونأمته وكيف يخاطب الملوك، وكيف يتعامل مع الأعداء، وكيف تكون سياسته سياسةً راشدةً،تدفع بالأمة إلى الهداية والنصر والتمكين.


نعم كان رسول الله قائدًا سياسيًّا محنكًا يعطي القدوةَالطيبةَ لكل حاكم تجده يبعث السفراء إلى ملوك العالم يخاطبهم فيها بلغة دبلوماسية،يخاطب الملوك على أقدارهم ويدعوهم منها إلى الإسلام بطريقة تناسب مكانتهم ويأخذبأيديهم إلى طريق الله بالكلام الموجز الدقيق.


أين قوَّاد الأمة اليوم من تمثل شخصية الرسول؟!


أين مخاطبتهم لرؤساء العالم ودعوتهم إلىالإسلام؟!


إنك تجد الإسلام آخر اهتماماتهم، بل قد يسيء بعضهم بمواقفهإلى الإسلام حين يقف بموقف المتخاذل ، ويرضى الدنية في دينه ودنياه.


تأسَّى الخلفاء الراشدون برسول الله- صلى الله عليه وسلم- انظر كيف تمثل الخلفاء الراشدون ومن بعدهم شخصية الرسول السياسية، وخاطبوا الدنياكلها ، وتعاملوا مع الناس بالسياسة الشرعية الحكيمة؛ لذا ترى الدنيا كلها تدين لدولةالإسلام العظيمة وتعرف قدر الإسلام.


وسنأخذ مثالاً واحدًا لنرى عزة الخلفاء حينما تمثَّلوا شخصيةالحبيب- صلى الله عليه وسلم-: لقد أرسل ملك الروم خطابًا شديد اللهجة يمتلئبالتهديد والوعيد لعبد الملك بن مروان خليفة المسلمين، والسبب في ذلك أن عبد الملكأرسل خطابًا لملك الروم كتب في أوله (لا اله إلا الله محمد رسول الله) فغضب ملكالروم غضبًا شديدًا ، وأرسل خطابًا لعبد الملك بن مروان وقال له: يا خليفة المسلمينتكتب في أول خطابك لا اله إلا الله محمد رسول الله؟ لأنْ عدت إليها لنفعلن ولنفعلنولننقشن على الدنانير التي في أيديكم سبًّا لنبيكم.


المسلمون في ذلك الوقت لم يكن لهم دينار يتعاملون بهويتعاملون بالدينار الرومي، وامتلأ عبد الملك همًّا وغمًّا، وجمع علماء المسلمينوأهل الشورى الذين تم اختيارهم بالحرية الكاملة وعلى أساس الفضل والعلم ، وليسوا منأصحاب العقول المثقوبة والأكفّ العريضة التي لا تصلح إلا للتصفيق، والبطون التيامتلأت من حرام ، وأكلت قوت الشعب كانوا يختارون على أساس صحيح لذلك سعدت بهمشعوبهم.


عرض عبد الملك الأمر على العلماء وأهل الشورى فقالوا: لاتغتمَّ يا أمير المؤمنين.. أعطنا شهرًا واحدًا، وسوف نجمع العمال وأهل الاختصاص، ونقيم المعامل لنصكَّ أول دينار إسلامي، وبالفعل شمرَّ علماء الأمة عن ساعد الجدوبعد شهرٍ واحدٍ صكُّوا دينارًا إسلاميًّا منقوشًا على وجهيه (لا اله إلا الله محمدرسول الله ).


فرح عبد الملك فرحًا شديدًا وكتب خطابًا لملك الروم يقول له: "من عبد الملك بن مروان خليفة المسلمين إلى كلب الروم، سببتَنا وآذيتنا وعيَّرتنا،اذهب بدنانيرك فقد جعلنا لنا دينارًا " وضرب اقتصاده في الصميم.. لم يبكِ عبد الملك،ولم يرسل له من يتفاوض معه ويقول له : نحن أبناء عمومة، ولن نذكر اسم الله أبدًا فيأوراقنا، وسوف نحذف آيات القرآن من المقرَّرات ، ولن نمسَّكم بما يسيء إليكم، ولكنَّتمثُّلَ شخصيةِ الرسولِ في الناحية السياسية جَعَلَ الرجل في هذه العزةوالكرامة.


القدوة من حياة الرسول- صلى الله عليهوسلم- كقائد سياسي :


نجد كذلك القائد السياسي يحتاج إلى القدوة في حياة النبي؛حيث القيادة العادلة للأمة، فنجد الرسول يحكم فينشر العدل بين المحكومين، نجدالرسول يوزِّع الفيء على المسلمين توزيعًا عادلاً، ونراه يقيم الحق والعدل على جميعالمتحاكمين إليه لا يستثني من كلمة الشرع أحدًا.. نعلم جميعًا قصة أسامة بن زيدعندما جاء ليشفع في المرأة المخزومية التي سرقت حتى لا يقطع رسول الله يدها لأنهامن قوم شرفاء لهم وجاهة، فغضب رسول الله وقال: "أتشفع في حد منحدود الله يا أسامة؟، لقد أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذاسرق الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمديدها".


ونجده ينادي أهله بأن يكونوا تحت لواء الإسلام عاملين فيقول: " يا عباس يا ابن عبد المطلب، يا عم رسول الله، اعمل فإني لاأغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة اعملي فإن لا أغني عنك من الله شيئًا، إلا أن لكمرحمًا سأُجلُّها بجلالها"، قمة العدل والحرية.


وهذا عمر بن الخطاب يحكم حكمًا عادلاً تعرفونه جميعًا ويأمرالشباب من أهل الخبرة أن يكتبوا ديوان العطاء ويقول لهم: "اكتبوا الناس حسبمنازلهم" فبدأ الشباب بعمر وآل عمر، ففرح بنو عدي.. قوم عمر.. إذ أصبحوا في أولالديوان يأخذون العطايا العالية؛ وجاء الديوان إلى الفاروق فعجب وقال: "ما هذا؟! أتقدمون عمر وآله على آل رسول الله؟! والله لن يكون أبدًا.. اكتبوا آل رسول اللهأولاً، ثم اكتبوا العرب حسب منازلهم ، ودعوا آل عمر حيث شاء الله لهم أنيكونوا".


جاء بنو عدي يتذمَّرون: "يا عمر أيقدمنا الشباب وتؤخِّرناأنت؟"، فقال: "والله الذي لا إله غيره لن أجعل ظهري جسْرًا لجهنم، ولأضعكم حيثوضعكم الله، ووالله لأحُولن بينكم وبين جهنم بعدل الله" وسارت الأمة تحت لواءالعدل، حتى غير المسلمين، عاشوا تحت العدل، ها هو الفاروق، والدولة الإسلامية وصلتإلى اتساع عظيم، يمشي في المدينة يعسُّ ليلاً، ويمشي في النهار يتفقَّد أحوالالرعية، فيرى يهوديًّا من أهل الكتاب وقد انحنى ظهره، واشتعل رأسه شيبًا، ورسمالبؤس في وجهه خطوطًا طوليةً وعرضيةً، وكُفَّ بصره، وهو يسأل الناس إحسانًا، قال: "يا أمير المؤمنين، كُفَّ بصري، وضاعت قواي، ولا أستطيع دفع الجزية".


يقول الفاروق: "يا سبحان الله!! أكلناه في شبابه ونضيعه فيشيبه، انطلق إلى بيت مال المسلمين" وأصدر الفاروق أمرًا أن تُرفع الجزية عن هذاوأمثاله في شتى أنحاء الدولة الإسلامية، وأن يدبَّر له عطاءٌ شهريٌّ طالما كانحيًّا.


هكذا كان العدل عدلاًً يمدُّ بساطه على جميع أنحاء الأمة، فانتشرالخير ومُكِّنت الأمة في الأرض، وصدق ابن تيمية حين قال: "إن الله ينصر الدولةالعادلة وإن كانت كافرةً، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنةً"، العدل قيمةعُليا، ومن هنا على القادة أن يأخذوا قدوتهم من رسول الله، فينشروا العدل والهدايةفي جميع أنحاء الأرض، ويعطوا أمتهم الحرية.


إن أمريكا اليوم تخرج علينا بمشروع لإصلاح المنطقة، ونشرالديمقراطية، وَوُضِعَ القواد في حيص بيص، ماذا يعملون؟! ماذا تعمل هذه الأنظمةالدكتاتورية التي كتمت على أنفاس مواطنيها؟ ولو كان الله يريد لهم الخير لرجعوا إلىأخذ القدوة من سيدنا رسول الله ولتصالحوا مع شعوبهم وأممهم ومع أئمة المسلمينوعلمائهم أن يرفعوا أصواتهم مطالبين القادة أن يعودوا إلى التمثُّل بسيدنا رسولالله، وأن ينشروا العدل والحرية في أنحاء الأرض.


دور العلماء أن يبرزوا مواطن القدوة للقوادفي حياة رسول الله :


تعالوا بنا ننتقل سريعًا إلى مكة المكرمة نطوي الزمانوالمكان طيًّا ونصل إلى الكعبة المشرفة، ونشاهد هذا المنظر لحاكم وعالم، حاكم يحكمبما أنزل الله، ينشر لواء الحق في الأمة يجاهد في سبيل الله عز وجل والنبي صلى اللهعليه وسلم يقول: "اثنان إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسدالناس: العلماء والأمراء".


كان خليفة زمانه يحج بيت الله الحرام، وفي الكعبة دخل أحدعلماء الأمة من العلماء الأثبات العظام، فلما رأى خليفة زمانه يحجّ ويجلس في الكعبةقال العالم: "آن الأوان أن أعِظَ الخليفة وهذا واجب عليَّ، فتقدم حتى وصل المكانالذي يجلس فيه الخليفة، والخليفة يعرفه حقَّ المعرفة فألقى السلام على الخليفةوقال: "يا أمير المؤمنين إني ناصح لك فاسمع لي؟" فيا ترى ماذا كان يقول العلماء فيذلك الزمن؟ اسمعوا إلى الفقه السياسي عند علماء الأمة لنرى ما يجب أن يكون عليهالعالم البصير الرباني المؤدب الشجاع.


يقول: "يا أمير المؤمنين، ابسط رداء العدل على الأمة تستقملك رعيتك" كلام في منتهى الدقة، الحاكم العادل يجد أمةً مدافعةً عن الحق، تحميالعرض، وترفع الراية، أما الحاكم الظالم فهو حاكم غبيٌّ، يجد القلوب ممتلئةً بالحقدعليه، وحين تجيء ساعة تطلب حماية الأرض تجد شعبًا ذليلاً مهلهلاً.. "ابسط رداءالعدل تستقم لك رعيتك".


يا أمير المؤمنين انظر إلى هؤلاء الحجيج يملأون الكعبة كلواحد منهم مسئول عن نفسه فقط، أما أنت فمسئول عن هذه الأمة كلها.. يا أمير المؤمنينأعد الإجابة لثلاثة أسئلة: إذا وُضِعت في قبرك، وانصرف عنك الأهل والمال، وأصبحتوحيدًا فريدًا لا مال ينفع، ولا سلطان يدفع، ولا جاه يشفع، وسُئلت: من ربك؟ ومادينك؟ وما تقول في النبي المبعوث فيك؟ فهل أعددت الإجابة..؟


يا أمير المؤمنين، أَعِدَّ الزاد لليلةٍ صبحها يوم القيامة،وأنهى ذلك العالم كلمته فنظر إليه الخليفة وقد امتلأت خدوده بدموعه، وقال له: سمعتمقالتك، فسلني حاجتك.. كم من الألوف تطلب؟! فقال: يا أمير المؤمنين.. في بيت مننحن؟ قال: في بيت الله، قال: معاذ الله!! إني لأستحيي من الله أن أسأل غيره وأنا فيبيته.


فانتظر الخليفة حتى خرجوا من الكعبة ثم قال: أيها العالمخرجنا من بيت الله فسلني حاجتك، قال: أسألك من حاجات الدنيا أم من حاجات الآخرة؟! قال: أما حاجات الآخرة فلا أملكها.. سلني من حاجات الدنيا، فقال العالم: يا أميرالمؤمنين.. أنت حي سوف تموت أم أنك حي لن تموت؟! قال: أنا حي سوف أموت، قال: إذنأنا لا أسأل الحي الذي يموت، وإنما أسأل الحي الذي لا يموت.


القدوة في العدل- السياسة- الرحمة :


﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْأَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾( التوبة : 128 )


رسول الله يطلب من القادة أن يكونوا رحماء بشعوبهم ويقول- صلى الله عليه وسلم-: "إن أقربكم مني مجلسًا يوم القيامةأحاسنكم أخلاقًا، الموطأون أكنافًا الذين يألفون ويُؤلفون" الذين يتقربونلشعوبهم، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب العبد الهيناللين السهل القريب" وفي نفس الوقت يتوعَّد صلى الله عليه وسلم كل قائد غليظعلى أمته، فيقول: "اللهم من ولي من أمر أمة محمد شيئًا فرفقبهم، فارفق به، ومن شقَّ عليهم فاشقق عليه"، ويقول في حديث آخر: "إن شر الرعاء الحطمة" أي الذي يحطِّم شعبه ويقسو عليه ويجعلالناس في كرب وهم وغم وضيق.


ومن ثم كانت القدوة في حياة رسول الله للقواد أن يكونوارحماء وكذلك يجب أن يكونوا أهل شجاعة وقوة وبأس وشدة يقين بالله، وأن يملأ قلوبَهمالخوف من الله وليس الخوف من البشر، النبي وضع القدوة العظيمة لكل الناس في القوةوالعظمة والعزة، يقول علي بن أبي طالب: "كنَّا إذا حمى الوطيس،واحمرت الحدق اتقينا برسول الله فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه" وحينماارتجت المدينة ليلاً وخرج الناس يظنون عدوًا داهم المدينة وجدوا الرسول سبقهم، ركبفرسه وأخذ سيفه وقال لهم": لن تراعوا، لن تراعوا، لنتفزعوا.. " صلى الله عليه وآله وسلم.


القدوة في الثبات.. الشجاعة.. قول كلمةالحق.. اليقين بالرزاق المحيي المميت:


ولو أخذ الحكام القدوة منه في هذاالجانب لما رأيت هوانًا، ولما ذاق المحكومون هوانًا، ومن هنا وجدنا القدوة خير مثالفي حياة أصحاب رسول الله.


هذا أبو الحسن عليّ الذي امتلأ قلبه يقينًا بأن الرزاق هوالله وأن المحيي والمميت هو الله.. في غزوة الخندق لما أخرج المشركون آخر أسهمهموأتوا بابن عبد ودّ ليبارز واقتحم الخندق من مكان ضيق وأصبح في جانب المسلمين وأخذينادي: يا أيها المسلمون.. هل من مبارز؟، وتشاور النبي مع أصحابه من يخرج للمبارزة،واستبطأ ابن عبد ود المسلمين فأنشد شعرًا يهجو رسول الله والمسلمينيقول:


ولقد بُحِحْتُ من النداء لجمعهم: هل منمبارز؟


ووقفت إذ جبن الشجاعُ موقف القِرن المناجِز


إن الشجاعةَ في الفتى والجود؛ من خيرالغرائز


فقال علي: أنا أخرج إليه يا رسول الله فألبس رسول الله عليًّا بيديهخوذة الحرب، وأعطاه سيفه ودعا فقال: "اللهم إنك أخذت حمزة منييوم أُحد، فاستبق لي عليًّا اليوم"، وانطلق علي وابن عبد ود يرتجز ويقول: إنالشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز، فأعلى علي سيفه وقال:


لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز


بشجاعة ونباهةٍ والصدقُ ينجي كل فائز


إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز


من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزائز


يضرب عليٌّ ابنَ عبد ود ضربةً تفلق هامتَه فيخر صريعًا،وتنكشف سوءته فيدير عليًا وجهه عفةً وتكرمًا، ويكبروا فيسمع النبي التكبير، ويعلمأن عليًا قتله فيكبر النبي، ويمتليء المكان بالتكبير، ويجيء عليًا فيزف البشرى،فيقول له عمر بن الخطاب: هلا استلبته درعه وسيفه فما عند المسلمين درع وسيف مثله؟


قال له: جئت أستلبه درعه فوجدت سوأته مكشوفة فعففت عنه، نعمالعفة والكرامة والحياء، ومن هنا كان المسلمون على مر العصور مثالاً للشجاعة حتىالنساء، هذه الشجاعة العالية التي تجعل القواد والحكام والمحكومين على ثبات للحقوقيام بالصدق، وهنا تكون القدوة منقذةً لأمتنا في حاضرها وغدها.


وقفنا على بعض جوانب العظمة في حياة القدوة صلى الله عليهوسلم، إننا حينما نطرح شخصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لتكون قدوتنا جميعًاوحينما نملأ المنابر والخطب بالحديث عن القدوة العملية برسول الله فإنما نريد أننقول: إننا، في ظرفنا الحالي، حكامًا ومحكومين، في حاجة إلى العودة سريعًا إلى رسولالله وإلى تمثل القدوة سريعًا من رسول الله، فحل مشكلاتنا أن نعود لسيدنا رسول اللهونصحح نموذج القدوة.


* أستاذ ورئيس قسمالدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جوانب العظمة في حياة الرسول القدوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ماهية الجهاد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
» الرسول محرر العبيد
» زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
» رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالمسنين
» الطبيعة الأخلاقية في حروب الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بربيح :: ۞ منتديات الدين الاسلامي الحنيف ۞ :: التاريخ العالمي والإسلامي-
انتقل الى: